مر موسم ونصف الموسم على انطلاق البطولة الاحترافية في الجزائر، ووجب التوقف ''ما بين شوطي'' المرحلة الانتقالية للتجربة الفتية والتأمل في كل جوانبها. ميلاد الاحتراف بعد مخاض عسير جعل رئيس ''الفاف'' وقتها يعلنها صراحة بجعل الثلاث سنوات المقبلة فترة لإجراء الأندية الهاوية سابقا ''التدريبات'' الضرورية حتى تكون بعدها جاهزة للمحاسبة ولأن تحكمها ''مقصلة'' الاحتراف. ومقابل ذلك، لمح رئيس الرابطة المحترفة، قبل أيام، على أمواج الإذاعة الوطنية، إلى أن حجم الديون المتراكمة على الأندية سيدفع الهيئة الكروية، في نهاية ثاني موسم للاحتراف، وليس في الثالث، إلى ''غربلة'' الأندية وتحديد من ستحتفظ منها بصفة الاحتراف كاملا غير منقوص، ومن تصبح أندية نصف محترفة.. واحتفظ عدد من الأندية في ''أرشيفها'' بمراسلة الاتحادية بتاريخ 14 سبتمبر ,2010 تنص على عدم تحميل الشركات الجديدة التي تحمل مشعل احتراف الكرة، تبعات الديون المتراكمة على الأندية الهاوية. وتذكرت الأندية أيضا وعود الوصاية بتحمل ما ترتب عن ''سوء تسيير'' العهد الهاوي لإنجاح الاحتراف، لتواجه به رئيس الرابطة المحترفة وتكشف عن تناقض قراراته ومواقف ''الفاف'' والوزارة، حين هدد بعدم تأهيل أي لاعب جديد في ''الميركاتو'' الشتوي ضمن فريق لم يسدد ديون لاعبين تعود للعهد الهاوي. وتنازل رئيس أولمبي الشلف، عبد الكريم مدوار، عن عضويته في المكتب التنفيذي لرابطة الاحتراف ''الفتية'' في وقت قياسي، وكشف عن تبعية قرباج وهيئته للاتحادية، وقال إن رئيسه تجرد من صلاحياته وجعل الرابطة مجرد هيكل دون روح تابعا إداريا ل''الفاف''، وأصبح رئيس الرابطة المحترفة أيضا، في نظر بعض رؤساء الأندية، غير قادر على التجرد من صفته السابقة كرئيس لشباب بلوزداد. أما مفاوضات الاتحادية مع مؤسسة التلفزيون الجزائري حول حقوق بث المباريات، فأفضت إلى استفادة الأندية من ''شكارة'' كبيرة، حرصت الرابطة على توزيع ريعها بالعدل على الأندية، بغض النظر عن نسبة ظهور كل فريق على المباشر كل نهاية أسبوع ومدى استقطابه للجماهير. وحرصت ''اليتيمة'' على الفوز بصفقة البطولة المحترفة بقيمة 21 مليار سنتيم، وظل هذا الحق حبيس أسوار المؤسسة، فلا هي استثمرت فيه مع بقية القنوات التلفزيونية التي دخلت السباق للظفر بالبطولة الجزائرية، ولا هي أمتعت الجماهير بأغلب مباريات الأندية ال32 حتى لا نقول جميعها. أندية الاحتراف في الجزائر أصبحت أسوأ حالا من عهد التسيير الهاوي، وعوض الاستثمار باسم النادي المحترف، أصبح الفريق نفسه بضاعة تباع وتشترى، مثل خلاف الشرعية في النصرية وصراع الزعامة في الوفاق، وقد تشابه حال صاحبي القمة والمتذيل. غياب مساعدات الدولة كشف كل العورات، ومع ذلك وجدت أغلب الأندية المال الكافي لاستقدام مزيد من اللاعبين وإجراء التربصات داخل وخارج الوطن، لكنها عجزت عن تسديد فاتورات الديون، بشكل يوحي بأن انتهاء ''الفترة الانتقالية'' سيفضي إلى إعلان جماعي عن إفلاس شركات الأندية المحترفة. كل ذلك يمثل وجها آخر من جوانب احتراف الكرة في الجزائر، وإذا كان الزمن يجزم بأننا تقدمنا نحو الأمام وابتعدنا عن نقطة البداية، فإن الواقع يثبت بأن المشروع أعادنا إلى الوراء، وبعيوبه نقترب بخطى ثابتة من النهاية. [email protected]