صدر كتاب للصحفي بيار دوم تحت عنوان ''لا حقيبة لا تابوت.. الأقدام السوداء الباقون في الجزائر بعد الاستقلال''، عن منشورات ''آكث سود''، وقع مقدمته المؤرخ بنيامين ستورا، والذي يفتح لأول مرة في التاريخ الاستعماري المشترك بين فرنساوالجزائر، قضية الأقدام السوداء الذين فضّلوا البقاء في الجزائر على الهروب منها، مفندا مقولة البعض إنهم كانوا مجبرين على ذلك. واستعرض الكاتب عددا من الوقائع، معتمدا على شهادة 50 فرنسيا ممن بقوا في الجزائر، كما كشف العديد من الحقائق التي تتعلق بالعمليات التي تعرّض لها الجزائريون من طرف المنظمة الإجرامية ''أواس''، التي كما قال: ''لم تترك الخيار للجزائريين الذين كانوا يحتفلون بالاستقلال، ويدفنون أبناءهم في نفس الوقت''. ويرى الكاتب أن بحثه يحاول كشف الجانب الآخر لأسباب بقاء أو ذهاب بعض المعمّرين، ويعتقد أن هذا الموضوع تعرّض إليه الكثيرون من جانب واحد، حيث ساد فيه خطاب واحد روّجته مجموعة قليلة من الرعايا الفرنسيين، الذين غادروا الجزائر سنة 1962، متهما هذه المجموعة باحتكار التاريخ المروي للأقدام السوداء. ويرتكز الخطاب، حسب بيار، على قاعدتين أساسيتين، أولها أن كل الأقدام السوداء غادروا الجزائر سنة 1962 لأنهم لم يكن لهم خيار. هذه المقولة، حسب الصحفي، سمحت لهم بتقديم أنفسهم كضحية بريئة، وتجنبهم الإجابة على السؤال المحرج: لِمَ تركتم الجزائر؟ ويحاول المؤلف، الإجابة على هذين المحورين، كاشفا أن بعد استقلال الجزائر، بقي حوالي 200 ألف فرنسي بالجزائر، وأغلب الشهادات التي استقاها من الذين بقوا تؤكد أنهم لم يتعرّضوا لأي عنف. وعاد الكاتب إلى بعض الأحداث التي عرفتها الجزائر سنة 62 واتخذها المعمّرون كذريعة لاتهام الجزائريين بأعمال عنف، منها ما حدث في 5 جويلية 1962 بوهران، التاريخ الذي يتذكره كل الأقدام السوداء، وتبادل إطلاق النار في شارع ''ازلي''، وهما الواقعتين اللتين يرتكز عليهما المعمّرون في اتهام الجزائريين بالعنف، ويقول: ''نجدها كثيرا في خطاب الأقدام السوداء حاليا''. لكن الشهادات التي استقاها ممن بقوا في الجزائر تقول إن ما حدث لم يكن ذنب الجزائريين بوهران، بل هم كانوا ضحية العنف الذي مارسته ''أواس''. ويوم 5 جويلية، وبينما كانوا يحتفلون بالاستقلال، أطلق مجهولون النار على المحتفلين في المظاهرات. ولأنهم ظنوا أن ''أواس'' وراء ذلك، قاموا بالرد بنفس الطريقة. ووقع الاشتباك ومات الجزائريون،وكانت الحصيلة النهائية 150 قتيل.كما يناقض الكاتب المقولة التي تؤكد أن كل الذين بقوا، سواء كبار السن أو المتضامنين مع ''الأفالان''، وهو الخطاب أيضا الذي يحاول الأقدام السوداء تمريره عبر التاريخ الفرنسي ويصرّون، عليه بينما كشف بحث الصحفي،تعدد المشارب والأعمار وتوجهات الفرنسيين أو الأوروبيين الذين بقوا في الجزائر.