نعت مسؤول حكومي فرنسي تاريخ 19 مارس الذي تحتفل به الجزائر سنويا ك''عيد للنصر'' بالتاريخ الذي ''يمثل بداية مأساة بالنسبة للمهجّرين والحركى''، واتهم الوزير الفرنسي الجزائريين بارتكاب ''مجازر طيلة أسابيع ما مثل خرقا لاتفاقيات إيفيان''، في إشارة للأشهر التي فصلت بين مارس 1962 وجويلية من نفس العام. انتقلت الحكومة الفرنسية بالتوجه المتداول، منذ أشهر، على مستوى مؤرخين ووسائل إعلام بخصوص خمسينية الاستقلال، إلى ''طرح رسمي''، تتحدث فيه عن ''مجازر'' في حق المعمّرين والحركى، وقد ورد في بيان رسمي لكاتب الدولة الفرنسي لقدماء المحاربين، مارك لافينور، أمس، ما يغذي هذا التوجه ''المستفز'' بشكل صريح قائلا: ''فرنسا لن تنظم احتفالات بمناسبة تاريخ 19 مارس، ولو أن هذا التاريخ يمثل محطة للابتهاج بعودة عسكريينا إلى عائلاتهم، فإنه أيضا يمثل بداية مأساة''. ويسرد البيان الفرنسي: ''يمثل بداية مأساة للمهجّرين الذين اضطروا إلى التخلي عن جذورهم، كما أنها مأساة بالنسبة للحركى الذين كانوا ضحية مجازر خلال الأسابيع التي تلت (قصد تلت تاريخ 19 مارس) ما مثل خرقا لاتفاقية إيفيان''. وتتوافق هذه الطروحات الفرنسية مع مسار بدأه أكاديميون فرنسيون منذ أشهر، يعتمد قلب حقائق تاريخية، وتصوير الفرنسيين ضحايا جيش التحرير الوطني، وهو ما ورد بشكل صريح في تحقيق بثته حصة القناة الفرنسية الثانية قبل أسبوع، صوّر استقلال الجزائر كأنه هبة من ضباط فرنسيين، وليس نتاج حرب تحريرية، وركز على ما سماه جرائم جيش التحرير الوطني ضد المعمّرين في الفترة ما بين عيد النصر وتاريخ الاستقلال. أكثر من ذلك، قال بيان كاتب الدولة الفرنسي لقدماء المحاربين، مارك لافينور، إنه ''بعيدا عن فكرة مصالحة الذاكرة، فإن تاريخ 19 مارس يحيي الجراح العميقة لصفحة مؤلمة من تاريخ فرنسا''، لذلك يبرر الوزير الفرنسي رفض الاحتفال ب''عيد النصر'' الجزائري كالتالي: ''احتراما لذكرى هؤلاء الضحايا (المعمّرين والحركى) وعائلاتهم الذين لا يزالون على قيد الحياة، الأمة لا يمكنها ولا يجب أن تتجمع في هذا اليوم وكأنه ذكرى''. ويشدد البيان قائلا ''التاريخ الرسمي للترحم على الذين ماتوا من أجل فرنسا في حرب الجزائر أو في معارك في المغرب أو تونس هو الخامس ديسمبر، وهذا التاريخ نتاج إجماع تم التوصل إليه في 2003 من قبل لجنة جمعت المؤرخ الفرنسي جون فافيي وأبرز جمعيات قدماء المحاربين''. ومن شأن البيان، الذي يعبر عن رأي الحكومة الفرنسية، أن يدق مسمارا آخر في نعش ''ملف الذاكرة'' الذي تحاول الجزائر وباريس عزله عن مسار العلاقات الثنائية، كما من شأنه أن يستفز الأسرة الثورية، التي هي على موعد اليوم، لعقد مؤتمر المنظمة الوطنية للمجاهدين، وأن يطرح بشكل جدي علامات استفهام عن المغزى من التركيز المستمر لدوائر فرنسية على ''جرائم جيش التحرير ضد المعمّرين والحركى''، والذي يعطي انطباعا ''مقزّما'' لتضحيات الجزائريين وقوافل الشهداء خلال الثورة التحريرية وطيلة فترة القرن ونصف من الاحتلال الفرنسي.