مدير مركز الأرشيف الوطني، عبد المجيد شيخي، حاضر بمناسبة 19 مارس عيد النصر واصفا المفاوضين الجزائريين في اتفاقيات إيفيان بالأذكياء جدا! أي أن غيرهم من الفرنسيين بعبارة أخرى أغبياء جدا! وفي الوقت نفسه، حاضر ولد قابلية الوزير المنتدب للجماعات المحلية ورئيس جمعية لقدماء المحاربين قائلا: إنه لا يجب تقزيم مكاسب مفاوضات إيفيان، وأكثر من ذلك قال بالحرف الواحد: ''·· إن فرنسا لم تجرب النووي فقط (في صحراء رفان) حتى بعد الاستقلال بل حتى الأسلحة الكيماوية والبكترولوجية، وأن ذلك استمر حتى .1975 وتبرير ذلك من قبل الجزائر حسب رأيه هو الاستفادة من تكنولوجيا تلك التجارب· فهل هذا دليل آخر على الذكاء الخارق للقيادة التي منعت انفصال الصحراء عن الشمال وقررت محاسبة الحركى (الذين عادوا وسادوا فيما بعد) مع ضباط 19 مارس يطرح علامات استفهام حاليا لأن الجيل الذي حرر أو ساهم في تحرير البلاد هو نفسه الذي يقودها إلى اليوم، وهو الأكثر استفادة باسم الثورة، وعليه يتحمل المسؤولية كاملة فيما وصلت إليه الأوضاع عندنا بسلبياتها وإيجابياتها· فإذا كان الذكاء باتجاهيه النافع وغير النافع لا يعد مقياسا للحكم على تاريخ أشخاص تولوا المسؤوليات، خاصة إذا لم نضع الأمور في إطارها التاريخي كما حدثت، فإن السؤال حول مصير هذا الذكاء يبقى قائما فلا يعقل أنه اختفى أو أنه لقي نفس مصير المفقودين الذين لم نعرف من كان وراء اختفائهم· فالجزائر التي فكرت في النووي (السلمي أو في غيره) والكيماوي قبل 35 سنة لم تحقق إلى اليوم خطوة جادة في هذا الميدان، عكس دول جاءت من بعيد كإيران والباكستان والهند رغم أن التجارب حدثت أمام أعينها على طريقة اليتيم الذي مد رأسه للحلاق المبتدئ وغير الفهيم· بل إن البلاد ظلت تراوح مكانها، وليس هناك ما يشير في المنظور القريب إلى أن تخرج من دائرة توفير الخبزة لكل فم وبطن، وهذا بعد أن صارت حتى المواد الأساسية لعبة في أيدي المستوردين الخواص وهذا بعد انسحاب الدولة بدعوى أنها ستتفرغ لأشياء أخرى أكثر أهمية، والنتيجة أنها ضيعت الاثنين معا، وهذه كارثة وإجرام بأتم معنى الكلمة!