كل ما أخشاه هو أن ينطبق على المثقفين ما ينطبق على الملوك: ''إذا دخلوا قرية أفسدوها''!.. فقد دخل المثقفون مؤخرا مجال التنمية البشرية وهو علم يهتم بتنمية قدرات الإنسان ومساعدته على النجاح في مختلف جوانب الحياة النفسية والاجتماعية والمهنية. هذا العلم الجميل، تنبه إليه مؤخراً بعض المتطفلين، فطرقوا بابه بشراهة وكسبوا منه ثروة ثروات، إما عن طريق كتب أو محاضرات وبعضهم تحول من قراءة الفنجان إلى عالم في التنمية البشرية يقدم النصائح ويقترح الحلول ويفك العقد ويضع الخطط الناجحة والناجعة.. ويقلي رقائق الشيبس! والغريب أن جحافل المؤمنين بهم والمعتنقين لأفكارهم، يرتادون صومعاتهم بخشوع ويتلقون جرعات التفاؤل بأكواب من هواء، ويرتضي المريدون على أنفسهم أن يكونوا تلاميذ ابتدائي في حضرتهم، يتباركون بالطاقات الإيجابية التي تصدر عن معلميهم ويتمسحون بالطاقة الكونية التي تصل إليهم عبر هؤلاء باعتبارهم الوكلاء المعتمدين لها.. حصرياً. وهؤلاء يمكن أن نطلق عليهم لقب ''الحواة'' أو السحرة الجدد، أو اللاعبين بالبيضة والحجر، ثقافيا، حيث يقنعون الآخرين بقدراتهم العجيبة على مساعدتهم في الفوز والتفوق، أدواتهم في ذلك كتب عناوينها ذات إغواء: ''كيف تصبح ثريا في ستة أيام''!. جماعة التنمية البشرية تريد من الناس أن يبقوا على الدوام ضاحكين وسعداء ومتفائلين ومنشرحين ومشرقين.. يريدون ذلك من كل الناس بمن فيهم الذين يعيشون في العالم العربي..!