استوردت الجزائر السنة الماضية ما قيمته 13 ,1 مليون دولار من منتجات رقائق البطاطا المعروفة باسم ''شيبس''، بكمية تفوق 28 ,1 مليون كيلوغرام. فمعدل سعر الكيلوغرام الواحد من هذا المنتوج عند الاستيراد، قارب 1 دولار أي حوالي 740 دينار للكيلوغرام، واستحوذت بلجيكا ومصر على أغلبية هذه الصفقات. كشفت أرقام المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصاءات التابعة للجمارك، أن الكميات المستوردة من رقائق البطاطا خلال سنة 2011 بلغت 28 ,1 مليون كيلوغرام متراجعة بنحو يتجاوز 642 ألف كيلوغرام، مقارنة مع واردات هذه السلعة المسجلة في 2010 عندما وصلت مستوى 92 ,1 مليون كيلوغرام. ومن حيث قيمة الواردات المذكورة، فقد بلغت في 2011 ما يناهز 13 ,1 مليون دولار أمريكي، متراجعة ب71 ألف دولار مقارنة بالسنة ما قبل الماضية، حين تم تسجيل قيمة واردات السلعة ذاتها بأكثر من 2 ,1 مليون دولار. وتفيد أرقام الجمارك بأن ثماني دول صدرت هذا المنتوج إلى الجزائر في 2011، وهي كل من بلجيكا ومصر وإسبانيا وألمانيا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وتأتي في مقدمة هذه الدول بلجيكا، حيث جلب المستوردون منها كمية تفوق 892 ألف كيلوغرام مقابل قيمة تجاوزت 704 ألف دولار، أي أن سعر الكيلوغرام المستورد من بلجيكا قارب 8 ,0 دولار. وبعد انعدام واردات الجزائر لرقائق البطاطا من مصر في سنة 2010، بسبب تأزم علاقات البلدين، عاد المستوردون للسلع من هذا البلد إلى نشاطهم في 2011، حيث بلغت واردات رقائق البطاطا منه خلال الفترة ذاتها 300 ألف كيلوغرام مقابل 307 ألف دولار، أي أن معدل سعر الكيلوغرام المستورد من مصر تجاوز 1 دولار.
الدكتور جمال الدين أولمان يطالب الدولة بالتدخل ''عادة استهلاك ''الشيبس'' ستصيب جيلا كاملا بالتسممات والأمراض'' شدد الدكتور المختص في التواصل الصحي، جمال الدين أولمان، في حوار مع ''الخبر''، على أن استهلاك رقائق البطاطا المعروفة باسم ''الشيبس''، أصبحت عادة وستصيب جيلا كاملا بتسممات وأمراض القلب والأوعية الدموية، كالارتفاع العالي لضغط الدم والسكتات القلبية ونزيف الدماغ، إضافة إلى أمراض السرطان. انتشر استهلاك رقائق البطاطا في الجزائر بشكل مثير للاهتمام، فهل للظاهرة مخلفات على الصحة العمومية؟ إن منتوج رقائق البطاطا اجتاح محيطنا الغذائي، فمحلات تجارة التجزئة والمساحات التجارية الكبرى تعرض أكياس وعلب ال''شيبس'' بشكل يجعلها في متناول الجميع، علاوة على الإشهار المكثف للمنتوج ذاته، وكلها عوامل تجرّ إلى الاستهلاك المتزايد له خصوصا من الزبائن الأقل وعيا كالأطفال والشباب. أتذكر في الصغر أننا كنا نادرا ما نستهلك هذه المنتجات، واليوم أصبح استهلاكها عادة غذائية سيئة للملايين من الأطفال والشباب. وسيواجه جيل بكامله مشاكل صحية خطيرة على المدى الطويل. هل من توضيح أكبر عن المشاكل الصحية التي أشرت إليها؟ يجب أولا التوضيح بأن استهلاك رقائق البطاطا من وقت إلى آخر، لن يؤثر سلبا على الحالة الصحية وإن ما سيخلق المشاكل الصحية هو اتخاذ هذا الاستهلاك بانتظام وجعله عادة. لماذا؟ لأن ''الشيبس'' ببساطة هو غذاء ذو ملوحة عالية ويحتوى على كميات كبيرة جدا من الزيت... إن هذين العنصرين يعتبران عاملين رئيسيين لأمراض القلب والأوعية الدموية، التي تتسبب في ارتفاع عالٍ للضغط الدموي والسكتة القلبية والنزيف في الدماغ. وعلاوة على هذا، فإن القلي في درجة حرارة عالية يساعد ''الغلوسيد'' المتواجد في البطاطا على إنتاج مخلفات تسمى ''لاكريلاميد'' التي تعطي اللون الذهبي للبطاطا وتجعلها مقرمشة، هذه المادة أصبحت معروفة على أنها مسببة للأمراض السرطانية. وأكرر إذن، أن استهلاك ''الشيبس'' عندما يصبح عادة غذائية، سيخلف كوارث صحية على بلدنا. هل تريد القول إننا بصدد المشاركة في تسميم جيل بكامله؟ دون تردد، أجيبك بنعم. وما يؤسف في الأمر، أن الأولياء في غالب الأحيان متواطئون من دون قصد في هذه الوضعية ونلاحظهم ينفقون بشكل آلي لشراء هذا السم لاستهلاكه من طرف أبنائهم نزولا عند رغبتهم. أمام هذا الخطر، كيف يمكن الاحتياط من أمراض القلب والأوعية الدموية عبر التقليص من الاستهلاك المفرط في رقائق البطاطا؟ يجب على الجميع أن يشارك في محاربة الاستهلاك المفرط ل''الشيبس'' دون هوادة. وعليه، يتطلب علينا البداية بالوسط العائلي. إن الأولياء مجبرون على وضع استهلاك الأبناء تحت الرقابة لمنعهم من استهلاك هذا المنتوج. وإلى جانب هذا، يتطلب على الجميع أن يمنع من أن يصبح استهلاك ''الشيبس'' عادة أو طريقة للأكل، فعند التسوق عادة ما يطالب الأطفال استهلاك ''الشيبس''، وفي هذه الحال يفضل منحهم فاكهة مقابل ذلك، وهذا ما يقوم به أي راشد يتحلى بالمسؤولية. أما بخصوص إمكانات تدخل الدولة باعتبارها المسؤول الأول على السلامة الصحية للمواطنين، فإنها متعددة وكذلك المقترحات، وهي تقليص عدد منتجي ''الشيبس'' وفرض رسوم عالية ضد الإنتاج والاستيراد مثله مثل التبغ، على اعتبار أنه مضر للصحة كذلك. هذه الرسوم سترفع من أسعار هذا السم، ما يدفع إلى تخفيض استهلاكه.وإضافة إلى هذا، يجب تحفيز تحويل غذاء البطاطا إلى عصيدة أو ''هريس'' التي تعد غذاء صحيا أكثر بكثير.
حبيب الأطفال وكابوس الأولياء ''الشيبس'' سموم سرطانية يشتريها الآباء لأبنائهم حتى وإن أكد عدد من الأولياء رفضهم لاستهلاك أبنائهم لرقائق البطاطا، إلا أن الأغلبية لا يصمدون أمام إغراء الإشهار وطرق العرض والرغبة الملحة للأطفال لاستهلاك الشيبس، رغم تحذير الخبراء من أضراره الصحية. في جولة استطلاعية قامت بها ''الخبر'' عبر عدد من المساحات التجارية في العاصمة، وقفت على إقبال الجزائريين على ''الشيبس'' بمختلف أنواعه. كانت البداية في مساحة كبرى بعين النعجة، حيث تم تخصيص رواق بأكمله لعرض مختلف ماركات وأنواع الشيبس وبأسعار تتراوح بين 5 دنانير وتصل حتى 350 دينار ل''الشيبس'' المستورد. اقتربنا من إحدى السيدات كانت رفقة ابنها الذي لم يتجاوز عمره 6 سنوات، والذي كان منشغلا بجمع أكياس ''الشيبس'' من الرفوف، بادرتنا بابتسامة قائلة: ''كل مرة أخرج فيها إلى التسوق بصحبته، أجد نفسي أدفع ما بين 200 حتى 300 دينار على أكياس الشيبس، فهو مدمن عليه..''. وقالت محدثتنا: ''سمعت أنه مضر بالصحة، وحاولت منعه عليه، إلا أنني لم أستطع أمام إصراره''. أما السيدة فتيحة التي التقينا بها بنفس المتجر فأخبرتنا قائلة: ''ابنتاي اللتان تبلغان من العمر 10 و12سنة، مدمنتان على الشيبس منذ صغرهما، وكنت أحرص دوما على تلبية رغباتهما، إلا أنني في السنة الماضية عشت جحيما بسبب ''الشيبس'' بعدما كدت أن أفقد ابنتي الصغرى''. وتضيف محدثتنا ''في عيد الفطر الماضي استهلكت ابنتي كميات كبيرة من الشيبس المصنوع من الذرة، وفي الليل بدأت تحس بآلام حادة في بطنها ما جعلني أنقلها إلى المستشفى، وهناك مكثت الليل كله بعد إصابتها بتسمم غذائي، ومنذ ذلك اليوم منعت عنهما الشيبس الذي يباع''. وفي محل للمواد الغذائية بحيدرة التقينا بجمال، وهو طبيب كان يتسوق رفقة أطفاله، ولفت انتباهنا أنه كان يقتني ''شيبس'' ذي ماركة أجنبية، قال: ''صراحة أنا لا أثق في المنتوج المحلي خاصة الموجه للأطفال، لأنه يحتوي على مواد حافظة وإضافات غذائية بعضها ممنوع دوليا، ما يؤثر على صحة أطفالي، لذا أنا أشترى العلبة الواحدة ب250 دينار لكنني أضمن أنها أقل ضررا من المنتج المحلي، وعلى العموم أنا أشتريه مرة في الأسبوع بعد إلحاح شديد من أطفالي''. ويقول محمد صاحب محل لبيع المواد الغذائية، إن إقبال الأطفال على ''الشيبس'' لا يمكنك تصوره فحتى الكبار يقتنون كيسين يوميا أو أكثر. ويضيف محدثنا ''كثيرا ما أشهد تجاذبا بين الأولياء والأطفال، فالعديد منهم يرفضون اقتناء ''الشيبس'' لأطفالهم، خاصة المصنوع من الذرة خوفا على صحتهم، إلا أن إلحاح الأطفال الشديد يجعل العديد من الأولياء يستجيبون لمطالبهم، رغما عنهم''. أما السيدة لطيفة التي التقينا بها بمساحة كبرى في دالي إبراهيم، وبمجرد أن طرحنا عليها الموضوع، ردت قائلة: ''أنا أتعجب من الجزائريين الذين يتركون أطفالهم خاصة دون 3 سنوات يتناولون ''الشيبس'' الذي نجهل كيفية صنعه، فكيف يعقل أن يباع كيس من منه بنكهة الجبن ب5 دنانير، أنا شخصيا أعتبر ''الشيبس'' من الممنوعات في البيت وكثيرا ما أقع في مشاكل مع أطفالي، خاصة إذا خرجنا إلى التنزه، ولكن صحتهم هي الأولى''. وتساءلت محدثتنا عن دور مصالح المراقبة التابعة لوزارة التجارة وكذا جمعيات حماية المستهلك، لوقف تسويق منتوجات من شأنها الإضرار بصحة الأطفال.
ثقافة المستهلك
يتراوح الاستهلاك الوطني لرقائق البطاطا بأنواعها المختلفة في السنة الواحدة ما بين 1500 طن و2000 طن، ويتركز الاستهلاك خصوصا عند الأطفال. من جانب آخر، يقدر الاستهلاك الفردي للبطاطا في الجزائر ب60 كيلوغراما في السنة.