عددهم يتجاوز 25 ألف عون شباك يعملون عبر مختلف مكاتب البريد في الولايات، يتعاملون يوميا مع آلاف الزبائن من مختلف الأعمار ويواجهون كل أنواع المشاكل، لتصل إلى حد السب والشتم والضرب والجرح العمدي. تتسبب لهم الضغوط والاستفزازات والمشاكل في الإصابة بأمراض السكري والقلب، فيما يتعرضون لأمراض الحساسية بسبب النقود القديمة والتالفة التي تحتوي على الغبار والأمراض. مهنتهم في محنتهم، لأنهم يدفعون الملايير ويتقاضون الدنانير ويحاسبون على أي دينار يضيع من الحسابات. أي عطب تقني يضعهم في قفص الاتهام أعوان تحت الضغط والمواجهة اليومية مع زبائن البريد يرفض أعوان الشبابيك ببريد الجزائر أن يتهموا بأنهم وحدهم من يتسببون في الاحتجاجات والشجار الذي يقع في مراكزهم مع المواطنين، ويعتبرون أنفسهم ''الحلقة الأضعف'' في هذه المواجهة، كونهم يتعاملون يوميا مع آلاف المواطنين ويكتمون غضبهم ومشاكلهم ليؤدوا عملهم. يبلغ عدد أعوان الشبابيك، حسب الأرقام الرسمية المقدمة من طرف المديرية العامة للمؤسسة 25547 عون، من بينهم 5803 امرأة، ويمثل هؤلاء ما معدله 56 بالمائة من مجموع موظفي المؤسسة، حيث يتوزعون عبر مختلف مراكز البريد عبر الوطن. تحطيم الحاجز الزجاجي في البريد المركزي بالجزائر العاصمة كما في أقصى مركز بريدي في تمنراست، يعيش أعوان الشبابيك نفس المشاكل والضغط، فإذا ما تعطلت شبكة الخدمة يواجهون هم غضب وسب واستياء الزبائن لأنهم في الواجهة. يقول أحد أعوان الشبابيك بمركز بريدي بالشرافة في العاصمة: ''نحن بالفعل نخطئ مع الزبائن في بعض الأحيان، لكن ما الذي تفعله وأنت تعمل تحت الضغط والطلب الملح للزبائن بكل الذهنيات''. ويضيف المتحدث الذي يعمل في نفس المنصب منذ 10 سنوات ''حتى بعد أن تخلصنا من ''الحاجز الزجاجي'' لانزال نحن من يواجه كل المشاكل''. ويذكر أحد أعوان الشباك بمركز بريد بن عكنون قائلا: ''الأمر صعب للغاية، نحن جزائريون ويجب أن نفهم بأن للموظف كما للزبون مشاكل ولهذا يجب أن نتفهم بعضنا البعض''. ويسرد المتحدث ما وقع لزميل له في البريد المركزي، حيث قام أحد المواطنين بتوجيه ضربة إلى الحاجز الزجاجي، ما تسبب في تحطيمه وتناثر القطع الزجاجية على وجه الأعوان وإصابتهم بجروح. ويتحدث الأعوان عن استعمال كلمات بذيئة والسب والشتم، وهو ما يسبب لهم أرقا وضغطا شديدا، ويقول أغلبهم ''نحن تحت رحمة الضغط والخوف أيضا من ارتكاب الأخطاء التي تجعلنا مهددين بالطرد وتسديد المبالغ الناقصة''. النساء بدل الرجال ويؤكد هؤلاء ''في وقت سابق اتهمنا الزبائن بأننا لا نجيد الحوار والاتصال معهم بسبب الحواجز الزجاجية، وطالبونا بالتخلي عنها لتسهيل التعاملات، ولما حدث ذلك صرنا نعاني من المواجهة والضرب والسب''. ويقول عون شباك بالبريد المركزي ل''الخبر'' بأن ''مهنتنا أصبحت تستقطب النساء أكثر من الرجال، لأن الزبون يسمع العون الرجل كل أنواع السب، في حين لا يجرؤ على فعل ذلك مع المرأة''. ويتحدث هؤلاء عن تعاملاتهم اليومية مع النقود التي تكون في غالبها تالفة وقديمة، ما يسبب لهم أمراض الحساسية بسبب التراب والغبار المنبعث منها، كما يحدث الضغط والقلق حالة من الأرق التي تنعكس على صحتهم ويصاب أغلبهم بمرض السكري وأمراض الضغط الدموي والقلب والشرايين. ويتردد الأعوان على طب العمل من حين إلى آخر بسبب الأمراض التي يتعرضون لها، وأغلبهم يخرج في عطلة مرضية بسبب حالة الضغط الشديد. الجزائر: زبير فاضل هذا هو نظام عمل أعوان الشبابيك يتم تقسيم فترات عمل أعوان الشبابيك في بريد الجزائر، حسب مراكز البريد وحسب طبيعة العمل التي تسند إليهم. ويعمل عون الشباك في مركز بريدي رئيسي حسب الفرق، من 8 صباحا إلى الواحدة زوالا أو من الساعة الواحدة إلى الساعة السابعة ليلا. أما بالنسبة لمراكز البريد ذات الطلب النسبي فمن الثامنة صباحا إلى منتصف النهار ومن الواحدة إلى الخامسة مساء، في حين تعمل مراكز بريد ذات الحجم الصغير من التاسعة إلى الثالثة زوالا. وحتى لا يعاني عون الشباك من الضغط في العمل في نفس المنصب، يتداول هؤلاء على مختلف الشبابيك الخاصة بتسديد الفواتير أو تخليص الصكوك أو بيع الطوابع البريدية من شهر إلى آخر. ومع هذا يؤثر روتين العمل على أعوان الشبابيك، وهو ما يفسر ربما حالة الغضب والنرفزة التي تتسبب في كثير من الأحيان في إثارة غضب الزبائن. الجزائر: زبير فاضل بورتريه عون الشباك عبد القادر دحماني غياب ثقافة الاتصال عند الزبائن يؤرّقنا يروي عون شباك ببريد حيدرة في العاصمة، عبد القادر دحماني، تفاصيل معاناته مع زبائن بريد الجزائر، التي تبدأ بأمراض كالضغط الدموي وأمراض السكري وتقوّس في الظهر، وتنتهي بخصم من الأجور في حال وقوع أعوان الشباك في أخطاء عند صرف رواتب الموظفين. قال موظف في أحد شبابيك بريد حيدرة في تصريح ل''الخبر'': ''الساعات التي يقضيها العامل وراء الشباك حافلة بالمتاعب، أبطالها زبائن، أغلبهم لا يفقه لغة الاتصال خصوصا في فترات سحب الرواتب، حيث يزيد الضغط ويصل بالزبائن إلى حد الملاسنات والشجار مع أعوان البريد، ناهيك عن رفض أغلبهم للأوراق النقدية بسبب رداءتها خصوصا من فئة 200 دج كون تلك الأوراق تأتي إلى البريد عن طريق البنك، ليبدأ البعض في إطلاق العنان للكلام الفاحش الذي يؤدي بأعوان الشباك إلى فقدان أعصابهم وهكذا الحال طيلة اليوم والنتيجة فقدان التركيز الذي يؤدي بنا إلى عدم الحساب الجيد لرواتب الموظفين، ومع الأسف الأخطاء تجعلنا ندفع الفارق من جيوبنا''. ويأمل عبد القادر دحماني الذي عمل في أكثر من مكتب بريدي في العاصمة، أن تقوم المديرية العامة لبريد الجزائر بتحسين ظروف العمال وراء الشبابيك، من ذلك اقتناء كراسٍ مريحة تسمح للموظف بالبقاء جالسا في كرسيه مدة أطول دون أن يحس بالتعب. كما اقترح نفس المتحدث على إدارة بريد الجزائر إعادة الزجاج إلى الشبابيك، حفاظا على كرامة العمال والموظفين وتفاديا لتصرفات غير متوقعة من بعض الزبائن. واستغرب نفس المتحدث سحب الزجاج في كثير من الشبابيك، مع أن بلدا مثل سويسرا لايزال يحتفظ به، ولفت هذا العامل إلى أن خدمة الزبون تبقى غايتنا في بريد الجزائر. الجزائر: ك. كالي شاهد من أهلها لنوار جمال رئيس مصلحة الخدمات المالية ببريد الجزائر نسعى إلى تعميم مكاتب الاستقبال والتوجيه أفاد رئيس مصلحة الخدمات المالية بالمديرية العامة لبريد الجزائر، لنوار جمال، في حوار مع ''الخبر''، بأن التواصل بين الزبون وأعوان الشباك هو الهدف الذي تسعى إليه إدارة بريد الجزائر وتعميمه، من خلال إجراء تكوين مكثف وخلق مكاتب لاستقبال وتوجيه الزبائن. تذمر الزبائن وأعوان الشباك حالة دائمة في مكاتب البريد؟ - المشكل في مكاتب بريد الجزائر هو غياب لغة التواصل بين أعوان الشباك والزبائن، تنتج عنه في كثير من الأحيان ملاسنات بين الطرفين ولهذا الغرض قام بريد الجزائر بإخضاع أعوانه إلى دورات تكوينية حتى نتمكن من توجيه الزبائن والحد من الاحتكاك والضغط الذي لا يخدم في الحقيقة صورة هذه المؤسسة المصرفية. كيف تتعاملون مع الأخطاء الذي يرتكبها أعوان الشباك بسبب ضغط العمل؟ - أولا، يجب فتح تحقيق حول ضياع أموال البريد وتقدير نوعية الخطأ الذي يرتكبه الأعوان مع مراعاة جميع الإجراءات الإدارية، وبعدها نعطي للعون مهلة استرداد أموال الزبائن. بالمقابل نستدعي الزبائن الذين حصلوا على أموال غير مستحقة عن طريق الخطأ، في محاولة لاسترجاع المبلغ الضائع. أعوان الشباك يعانون من كراسٍ غير مريحة، هل هذا صحيح؟ - في الحقيقة بريد الجزائر ومنذ قدوم المدير العام لبريد الجزائر، محند العيد محلول، حرص على توفير عتاد مدروس ومريح لأعوان الشباك، بعد التعاقد مع مؤسسة عمومية وفرت أثاثا ذا نوعية لتقديم أفضل الخدمات وفي أفضل الظروف الممكنة، كما أن طب العمل في خدمة جميع العاملين ببريد الجزائر لضمان صحتهم. الجزائر حاوره: كريم كالي رأي المواطن فيهم لا يمكن الحديث عن أعوان الشبابيك في بريد الجزائر من دون أن تعطى الكلمة للمواطن الذي يتعامل معهم بشكل يومي، حيث يجمع أغلب هؤلاء على أن ''ضعف الأداء'' هو سبب الشجار والسب الذي يتعرضون له، كما أنهم يتجاوزن كل الحدود من خلال تسبيق صكوك أو معاملات أقاربهم وأشخاص محددين دون غيرهم من الذين يقفون في الطوابير. ويطرح هؤلاء سرّ عدم اهتمام هؤلاء بهندامهم وعدم ارتداء الزي الذي تم تعميمه عليهم، في وقت سابق، باللونين الأصفر والأزرق. ز. ف