فاجأ أعوان التعبئة في الجيش الجميع عندما تنقلوا أمس بالمئات إلى العاصمة قادمين من 36 ولاية، قبل أن يوقف رجال الأمن زحفهم نحو وزارة الدفاع، لتتحول مسيرتهم إلى اعتصام بمحطة خروبة، رددوا خلاله كل عبارات التنديد بتجاهلهم من قائمة الأسلاك التي تم تسوية وضعيتها رغم أنه تم تجنيدهم لمكافحة الإرهاب في العشرية السوداء. وصل الأعوان إلى محطة خروبة في الصباح الباكر، وفور تداول خبر تواجدهم بالعاصمة تجندت قوات الأمن، حيث فرضت حصارا على المنطقة ولجأت فيه إلى إجراءات تفتيش استثنائية، لمنع تجمع المعنيين وزحفهم إلى قلب العاصمة، وتمكنت من توقيف أكثر من 500 شخص تم اقتيادهم إلى مراكز الأمن بكل من الحراش وحسين داي وبلديات مجاورة، إلا أن قوة العدد فيما بعد فرضت نفسها بعد تدفق أعداد هائلة بعد اتفاق مسبق على تاريخ الالتقاء أسفر عن اجتماع بجاية الأخير، فوجدت بذلك قوات الأمن نفسها أمام واقع فرض عليها تعزيز قواتها بمكافحة قوات الشغب التي كانت الشاحنات تقلهم تباعا، وحوصر الاعتصام في المنطقة لمنعهم من التنقل إلى وزارة الدفاع التي كانوا ينوون الاعتصام أمامها. وإن نجح رجال الشرطة في توقيف الزحف، إلا أنهم لم يتمكنوا من توقيف هتافات الأعوان التي جلبت فضول وتعاطف المارة، خاصة بعد تمكنوا من قطع الطريق قبل أن يتمكن الأمن من فتحه جزئيا، ما سمح بمرور السيارات بصعوبة، وحمل المعنيون لافتات كتبت عليها عبارات متنوعة منها ''نطالب بحقوقنا''، ''نحن في جزائر العزة والشهداء''، ''الواجب أديناه.. حقنا وين راه''. وحسبما صرح به معتصمون ل''الخبر'' فإن قوات الأمن لعبت دور الوساطة وسمحت بتنقل ممثلين عنهم إلى قصر الحكومة لنقل انشغالهم إلى الوزير الأول، وسيحددون مصير اعتصامهم وفق النتائج المتوصل إليها، وفي حال أي تعثر للمفاوضات فسيتحول احتجاجهم إلى اعتصام مفتوح، لأنهم -حسبهم- منحوا السلطات المعنية ما يكفي من الوقت للرد على مطالبهم، كما هددوا بالتنقل إلى مقر إقامة الرئيس السابق اليمين زروال لطلب توسطه لدى السلطات، خاصة وأن قرار تجنيدهم صدر أثناء تولية منصب رئيس الجمهورية، ولأنهم لمسوا من خلال لقاء المجندين منهم بولاية باتنة لدى زيارتهم له مؤخرا تعاطفا كبيرا معهم مثلما قالوا. وبالعودة إلى قائمة المطالب المرفوعة، تحدث المحتجون عن التعويض المادي والمعنوي عن سنوات الخدمة، وتسوية وضعية الضمان الاجتماعي حسب وعود اللواء فايد صالح بحقهم في التقاعد بداية من جوان 1995 بمعادلة 3 سنوات خدمة وطنية مع 12 سنة ضمان على التقاعد، بالإضافة إلى مطالبتهم بقانون أساسي خاص بأفراد التعبئة وتقديم تسهيلات لهم للاستفادة من سكنات مع الإقرار باستفادتهم من منحة شهرية وامتيازات المراكز الصحية. في المقابل، صرح ممثلوهم بعد اللقاء الذي جمعهم بمسؤولين على مستوى الوزارة الأولى، أنه تم الاعتراف بمطالبهم المشروعة، ووعدوا بالرد عليها في أجل أقصاه 15 يوما، وهي التطمينات التي جعلتهم يغادرون المحطة في المساء، على أن يجددوا اعتصامهم عبر الولايات إلى أن يتم الاستجابة لمطالبهم. للإشارة فإن أعوان التعبئة هم الذين تم استدعاؤهم في الفترة الممتدة بين 1995 و1999 من أجل مكافحة الجماعات الإرهابية نظرا للخبرة التي اكتسبوها أثناء مرحلة الخدمة الوطنية.