انتبه الناس في ورفلة أمس مرة أخرى إلى تفاصيل تعقيدات يومياتهم ونقائص محيطهم العام بعد فترة كانت أشبه بالغيبوبة، زامنت هرج حملة التشريعيات وولائمها التي أغرقتهم في حالة افتراضية لعدة أسابيع. باستثناء بعض الولائم و''اللمات'' الاحتفالية التي أقيمت في أطر ضيقة لم تتجاوز محيط أحياء ''الفائزين الجدد'' بمقاعد الولاية في البرلمان، بدا المزاج العام للشارع في ورفلة ثقيلا، وطبعته الرتابة وانصرف الناس إلى شؤونهم وكأن شيئا لم يكن. كما اتجه العديد منهم إلى طرح تساؤلات تبدو واقعية جدا من نوع: ماذا حملت هذه الانتخابات على المستوى المحلي للشباب الذين أرهقتهم حال البطالة والفراغ والإحساس بالغبن في كل المجالات؟ وهل سيكون المنتخبون الجدد في وضع يؤهلهم لحمل همومهم تلك والمساهمة في حلها، أو على الأقل القدرة على احتوائهم وتهدئتهم في ظروف التوترات والاحتجاجات؟ ويلاحظ الكثير من المتتبعين للشأن المحلي في ورفلة أن المترشحين في هذه التشريعيات تجنبوا إلى حد كبير الخوض في تفاصيل يوميات الناس، أو تقديم وعود لها علاقة بالواقع والانشغالات الملحة، واتجهوا في الغالب إلى الغرق في العموميات التي لا تضعهم في وضع الملتزمين بأي شيء أمام الناس، وهو وضع شوش الصورة عليهم وأسقط المشاركين منهم تحت تأثير عامل العرش والقرابة والمنطقة أكثر من أي شيء آخر. لقد أبعدت زحمة الحملة وما تبعها الكثير من المواطنين عن تفاصيل كثيرة من تعقيدات يومياتهم، وجعلتهم يعيشون لفترة في وضع افتراضي أشبه بالغيبوبة، فرضه عليهم الجو العام بما طبعه من ''ضغط'' مارسته الأحزاب والإدارة والإعلام، وعندما انتهى ''العرس'' وجد نفس هؤلاء المواطنين همومهم في مكانها، بدءا من الطوابير الطويلة على بوابات البريد، وصولا إلى انقطاعات الماء والكهرباء وتعفن الإطار المعيشي العام.