لا أدعي بأن ورفلة لم يكن لها حضور في الصحافة الوطنية قبل أن يكون ل''الخبر'' و''الوطن'' مراسلون بها.. ولكن أجزم، بكل تواضع وصدق، ومن موقع العارف، بأن حضور ورفلة وكثير من مناطق الجنوب في الصحافة أصبح أكثر نوعية واتساعا وانتظاما مع هذين العنوانين. وربما لعب معطى اللغة العربية التي تصدر بها ''الخبر'' ويقرأ بها الناس في الجهة بتمكن وعشق، في صالح انتشار الجريدة التي انتشرت بشكل قياسي وتمسك بها عامة الناس والمثقفون والشباب والنساء. وصاروا يجدون فيها مبتغياتهم من الأخبار المحلية والوطنية الجديدة والجادة. كما صاروا يجدون فيها، بشكل يقترب من اليومي، موضوعات تثمّن وتعرّف بتفاصيل صادقة ودقيقة سمات وعناصر من شخصيتهم وثقافتهم المحلية المتميزة، بمعالجة فيها كثير من التقدير والاعتزاز، وتبتعد عن النظرة السطحية والتناول الفلكلوري الذي طالما عبّر المتنورون من أبنائها عن ضجرهم من استمراره. وعندما أعود بذاكرتي بنحو 17 سنة إلى الوراء، وقت البداية التي لم يكن فيها لدينا في ورفلة لا عنوان ثابت ولا فاكس، أتذكر باعتزاز وحنين كبيرين، تلك السعادة التي كنت أشعر بها وألمسها عند قراء الجريدة في كل منطقة من الجهة، وهم يعبّرون عن مستوى كبير من الإعجاب والتقدير لها، ويغرقونني كما باقي الزملاء، فيما أتصور، بسيل من عبارات الثناء والدعاء كلما لمسوا لانشغالاتهم وهمومهم حضورا نوعيا وجديا على صفحات ''الجزائر العميقة'' للجريدة، وكلما لمسوا لدينا مسافة بيننا وبين الرسميين.. وهي المسافة التي تقترب من التشنج، والتي كان يركز عليها مسؤولو التحرير في الجريدة في كل لقاءاتهم بالمراسلين، ويعتبرونها أساسا للثقة والمصداقية عند القارئ، إلى درجة تحولت مع الوقت إلى عبء على المراسل في المناطق الداخلية. ورغم ثقل هذه الالتزامات المهنية والأخلاقية التي ظلت دائما تفرض ضغطا كبيرا على المراسل، يزيد في حدته قناة الاتصال المفتوحة والدائمة التي ربطتها الجريدة مع المواطن مباشرة، بما يمكّنه من تجاوز المراسل أو حتى ''فضحه'' في حال الإخلال بتلك الالتزامات.. إلا أنني كصحفي أحاول دائما التدرج نحو الاحتراف.. كنت دائما سعيدا بوضعي، وبنوعية العلاقة مع الإدارة أو هيئة التحرير المركزية، التي كان وما زال يحكمها الاحترام المتبادل. في ورفلة الآن، بات في متناول القارئ عشرات العناوين كل صباح.. إلا ''الخبر'' و''الوطن'' اللتين لا تطبعان في ورفلة لأسباب لا أملك الإجابة عليها. ورغم ذلك، يبقى القارئ يبحث عنها لأنها بقيت دائما كبيرة في عينه، في وقت نفدت شهوته بسرعة من عديد العناوين التي أغرقته في أخبار الإثارة والتشهير، وأفلست في نقل انشغالاته واهتماماته بالصدق والجدية المطلوبين. والمطلوب الآن من ''الخبر'' هو تجاوز مشكل التوزيع في الجنوب، واستعادة مكانها الطبيعي.