كيف يمكن أن نفهم بأن الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة.. تواجه صعوبة جدية في إيجاد فريق عمل حكومي لتكليفه بتسيير البلاد خلال المرحلة القادمة؟! هل يمكن أن نصدق بأن هذه الأحزاب قدمت بالفعل للشعب الجزائري برنامجا ورجالا وعلى أساسهما تم انتخاب هؤلاء؟! وهل يمكن أن نصدق بأن الأحزاب التي فازت بالبرنامج والرجال تجد صعوبة في تنصيب الرجال في وقت قصير وتنطلق في العمل؟! هل الشعب الجزائري اختار فعلا هؤلاء الرجال الذين تجد أحزابهم صعوبة في تعيينهم في المسؤوليات لتطبيق ما انتخب عليه الشعب؟! البلاد وضعت في ثلاجة ثلاثة أشهر على الأقل قبل الانتخابات، وستبقى البلاد أيضا في هذه الثلاجة ثلاثة أشهر على الأقل بعد الانتخابات أي نصف عام سيذهب كاملا من عمر الأمة... لأن السلطة والأحزاب تجد صعوبة في اختبار الرجال لتولي المسؤوليات؟! ومن يجد صعوبة في إيجاد الرجال فكيف لا يجد صعوبة في تسيير البلاد؟! في فرنسا الرئيس الجديد الذي تقدم للانتخابات ببرنامج وفريق عمل لتنفيذ هذا البرنامج، لم ينتظر أكثر من 24 ساعة بعد تنصيبه ليعلن للفرنسيين عن أسماء الفريق الحكومي الذي أذهل إعلانه للفرنسيين العالم والفرنسيين معا.. أي أن الرئيس الفرنسي تقدم للشعب الفرنسي ببرنامج وبفريق عمل ينفذ هذا البرنامج! مشكلتنا أننا في الجزائر أصبحنا لا نجد إلا ولد عباس من الرجال وأم القرضاوي من النساء؟! فالأقلية الرديئة أصبحت هي الأساس وهي الأغلبية في الحكم وفي جميع مؤسسات الدولة والأغلبية الكفأة أصبحت هي الأقلية في دواليب الحكم وفي مختلف المؤسسات. وعندما يجد الرئيس صعوبات في البحث عن فريق حكومي لحكم البلاد مباشرة بعد الانتخابات.. فذاك يعني أن هذه الانتخابات لا علاقة لها بالسياسة ولا علاقة لها بأصوات المواطنين؟! فالانتخابات في البلدان الأخرى تنظم عادة لحل المشاكل السياسية بين الفرقاء السياسيين ونظرة كل فريق لكيفية تسيير الشأن العام والشعب هو الذي يفصل في الأمر بأصواته... لكن عندنا، عندما تجرى الانتخابات تدخل البلاد بنتائجها في أزمة مفتوحة ظاهرها الصراع حول كراسي الحكم وباطنها الصراع حول تقسيم الريع! ومن الإبداعات السياسية للنظام الجزائري أن البلاد يمكن أن تسير بلا حكومة أو تسير بالنيابة! وأن المجلس الدستوري لا يراقب دستورية الانتخابات بل أصبح يوزع المقاعد على الأحزاب كما توزع مفاتيح الاستفادة من السكنات الاجتماعية؟! ليس من اختصاص المجلس الدستوري أن لا تبقى البلاد دون حكومة ستة أشهر بل من صلاحياته فقط، أن يوزع الأرباح الانتخابية على المستفيدين من المجلس الشعبي الوطني؟! اضحكوا أو لا تضحكوا... انتخابات تفرز نوابا ليس بينهم من يصلح لأن يسير البلاد ومع ذلك يقال: إن هذه الانتخابات نزيهة وتعبر عن إرادة هذا الشعب العظيم؟!