برلمان الجزائر الحالي بدأ خطوته الأولى بأزمة ومضحكة تنصيبه لا تختلف كثيرا عن مهزلة انتخابه.! وبات واضحا جليا أن هذا البرلمان لا يختلف كثيرا عن برلمان مبارك قبل سقوطه.! وحتى تكوين البرلمان الشعبي الموازي من طرف أشباه الأحزاب الجزائرية، هو أيضا يشبه ما حدث على هامش تنصيب برلمان مبارك.. لكن الفرق بين ما يحدث عندنا وما حدث في مصر، هو الهزال السياسي هنا والكفاءة هناك.! ومن مضحكات أحزاب البؤس في الجزائر أنها طبقت أسلوب السلطة أيضا في توزيع مقاعد النواب على أحزاب البؤس.! وإن نزاعات نشبت بين هذه الأحزاب على توزيع المقاعد بالكوطة، وقيل إن هناك تزويرا أيضا؟! وقد يعمد بعضهم إلى إنشاء برلمان مواز للبرلمان الموازي؟! بعض الزملاء في الصحافة المكتوبة تعجبوا من انسلاخ غول عن حزبه حمس، تحت ذريعة ''أنه رجل الدولة''! وليس مناضلا في حمس.. وغول كان صادقا في هذه، لأنه كان دائما رجل الدولة في حزب حمس، وليس رجل حمس في الدولة.! وأتذكر أنني سألت المرحوم نحناح عندما عيّن غول مع زملائه في الحكومة باسم حمس لأول مرة، فقال لي رحمه اللّه: هو إطار جيد، وهو رجل الدولة في حزبنا، أرسلوه لنا وأعدناه لهم.! مثلما أعدنا لهم غيره أيضا؟!. والواقع أن كل وزراء حمس في الحكومة كانوا رجال الدولة، قبل أن يكونوا رجال حمس.! وقيادة الحزب، ابتداء من المرحوم نحناح، تعرف ذلك جيدا.! أغلب وزراء حمس وغير حمس لم يكونوا مناضلين في حمس ولا في الحركة الإسلامية، واستوزروا باسم الحركة الإسلامية عن حمس وعن غير حمس لأداء مهمة للدولة وليس للحزب. تصرفات بعض هؤلاء الوزراء في حينها كانت تصرفات لا تمت لأخلاق المناضل الإسلامي بصلة. أتذكر، مثلا، أن وزيرا حمسيا عندما ذهب إلى الوزارة التي عيّن بها لاستلام المهام من الوزير السابق له، طلب من هذا الأخير أن يأمر بإحضار ''كوستيم'' على حساب الوزارة ليتصوّر به عند التنصيب..! وقد حكى الوزير هذه القصة الغريبة التي لا يمكن أن تصدر عن مناضل في حزب، أحرى وأولى أن يكون مناضلا في حزب إسلامي، بني نضال أعضائه على الأخلاق! نفس هذا الوزير ذهب في وفد الرئيس زروال في زيارة رسمية إلى سوريا.! ولأنه لم يسكن في حياته في فندق 5 نجوم.! أعجبته سجادة للصلاة بغرفة الفندق، فأخذها عندما غادر الوفد الرئاسي سوريا.. ولكن مصالح الأمن السورية سحبت منه السجادة في المطار، في حركة مشينة لسمعة الوزير والرئيس والبلد.! وأتذكر وقتها أنني ''كرزت'' عندما سمعت بالحادثة، وقلت للسفير السوري في الجزائر آنذاك الدكتور الضحاك.. وكان عميدا للسلك الدبلوماسي العربي في الجزائر.. قلت له: حتى لو كان هذا الوزير تصرف تصرفا مشينا مع فندق الشيراطون... كان من الواجب أن لا تفضحوه وتفضحوا البلد والرئيس معه؟! فقال لي: يا سعد.. حتى عندنا توجد الرداءة التي لا تنتبه لما تقول؟! هل يمكن أن يقنعني أحد بأن من يسرق سجادة الصلاة من غرفة نوم بفندق، يمكن أن تكون له علاقة بالإسلام، ولا أقول إنه مناضل في حزب إسلامي؟! المنطق الانتهازي الذي اختبأ خلف شعار رجل الدولة، هو الذي خرّب كل جميل في التيار الوطني.. وهو نفسه الذي خرّب ويخرّب كل جميل في التيار الإسلامي. فالرداءة والفساد والانتهازية ملة واحدة في كل الأحزاب. [email protected]