البلاد بعد هذه الانتخابات دخلت بالفعل في أزمة حقيقية، حيث أصبحت السلطة عاجزة عن تكوين حتى المؤسسات الشكلية لتسيير البلاد بحكومة واجهة وبرلمان واجهة وأحزاب واجهة كما كان الوضع قبل هذه الانتخابات. نعم الانتخابات التشريعية التي زورها الأرندي في التسعينيات تورطت في تزويرها الإدارة وبعض الهيئات.. لكن انتخابات هذا العام تورطت في تزويرها بالقانون هيئات ومؤسسات سيادية مهمة، مهمتها الأساسية هي حماية البلاد من مثل هذه الممارسات، وهذا في حد ذاته يعد انزلاقا خطيرا دخلت فيه البلاد. فعندما يقول قيادي مثل كريم طابو بأن الأفافاس لم يفز بما فاز به من مقاعد بل أعطيت له كهدية من السلطة، فهذا في حد ذاته يعد كارثة ليس على السلطة وحدها بل كارثة أيضا حتى على رمز المعارضة وهو الأفافاس! وعندما ينسب نجاح الأفالان في العديد من الولايات إلى حصوله على أصوات الهيئات النظامية فذاك يعني أن هذا الحزب قد دخل في لعبة خطيرة شوّهته أكثر مما هو مشوّه.. وشوّهت معه مؤسسات الدولة التي كان من الواجب أن لا يزج بها في لعبة السياسة لتشوه بهذه الطريقة المفجعة فعلا؟! والنتيجة انتخابات تشريعية انتهت إلى إنتاج برلمان أردأ حتى من برلمان عهد الاستعمار ''برلمان بني وي وي'' وأحزاب سياسية منقسمة وملوثة بالفعل الانتخابي التزويري المخل بالحياء! ومؤسسات دولة سيادية متهمة بمشاركتها في إنجاز لعبة سياسية شوهتها أكثر مما هي مشوهة! يبدو أن أزمة البلاد قد بلغت مداها.. وأن أزمة الفساد الذي تعرفه البلاد قد امتدت إلى أزمة فساد الفساد نفسه! فالبلاد التي تصبح عاجزة حتى على تنظيم شهادة التعليم المتوسط بصورة صحيحة وليس فيها غش وفساد.. كيف يمكن أن تنظم انتخابات برلمانية نزيهة وحرة وحقيقية؟! لقد سمعت أن وزارة التربية الوطنية قد تفتّقت عبقريتها على محاربة الغش والفساد في تنظيم امتحان الشهادة الإبتدائية، فعمدت إلى نقل أوراق التلاميذ من ولاية إلى أخرى بغرض ضمان النزاهة في التصحيح! إلى هذا الحد وصلت الرداءة ووصل الفساد! لا توجد ثقة ولا توجد أخلاق لدى رجال التربية في الولاية وعوض أن يعالج الأمر في أساسه، يعمد إلى هذه الطريقة التعيسة في نقل أوراق التلاميذ إلى ولاية أخرى لتصحيحها هروبا من فساد الغش والتزوير! التربية في أزمة والاقتصاد في أزمة والسياسة في أزمة والأحزاب في أزمة ومؤسسات الدولة الدستورية وغير الدستورية في أزمة... ومع ذلك البلاد بخير وتسير سيرا حسنا بدون حكومة.. وبدون وزراء! إنها المعجرة في بلاد المعجزات؟! [email protected]