جاء في الرسالة التي وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى فرنسا، عبر ''حواره الإشهاري'' في جريدة ''لوموند'' الفرنسية، قوله ''في الوقت الذي نستعد فيه لإحياء الذكرى الخمسين للاستقلال بإمكان الجزائر أن تنوه بمستوى علاقاتها المتعددة مع فرنسا''، وفي فقرة أخرى من الحوار قال ''إن هذه الديناميكية الجديدة التي حظيت مؤخرا بدعم السلطات العليا للبلدين ستسمح للعلاقات الجزائرية الفرنسية بتسجيل وثبة نوعية بمستوى قدرات وطموحات البلدين''، وفي فقرة ثالثة من هذا ''الحوار الإشهاري''، تجاوز بوتفليقة ''تهريج'' الأسرة الثورية المطالب باعتذار فرنسا عما ارتكبته ببلادنا، وقال ''يجب علينا أن نتجاوز صعوبات الماضي''. إذن علاقات الجزائربفرنسا في رأي بوتفليقة جيدة وتستحق التنويه... وهي بالفعل كذلك إن لم نقل إنها أكثر من جيدة، خاصة إذا نظرنا إليها من زاوية ما هو جار على أرض الواقع، وليس من زاوية خطابات هذا الطرف أو ذاك... و''ديناميكية هذه العلاقات المدعومة من السلطات العليا في البلدين ستسمح بتسجيل وثبة نوعية بمستوى قدرات وطموحات البلدين''، وهذه حقيقة أخرى ينبغي إقرارها، لأن المحرك الواحد الأوحد للسياسة الخارجية الفرنسية هو مصالحها، ومصالحها في السياسات المنتهجة أكثر من مضمونة... أما عندنا، فإن مصالح صنّاع القرار ببلادنا مربوطة ومرتبطة بفرنسا، وعليه، فإن ضمان مصالحهم يفرض عليهم توثيق العلاقات مع فرنسا أكثر وأكثر، وتبقى الخطب المناسباتية للجزائريين المعادين بعواطفهم ''نعم بعواطفهم''، مجرد خطابات جوفاء موجهة للاستهلاك الداخلي، ودفع ما يسمى عندنا بالأسرة الثورية لمواصلة التطبيل والتزمير... وضمن هذا السياق، يمكن إدراج قول بوتفليقة ''علينا أن نتجاوز صعوبات الماضي''. الآن... وبعد هذا الطرح الواضح وضوح الشمس والصادر عن حاكم الجزائر الأول ورجل سلطتها الأول، وصانع قراراتها الأول... ألا يحق لنا كجزائريين، وأقصد بالجزائريين أولئك الحالمين بوجود سياسة خارجية واضحة للبلد... ألا يحق لنا مطالبة السعيد عبادو والهواري الطيب وخالد بونجمة وخلفة مبارك وكل من لف لفهم من منتسبي ما يسمى بالأسرة الثورية، بوقف وتوقيف ''تهريجهم'' وتغيير خطابهم حتى يتناغم على الأقل مع خطاب الذي خوّله الدستور تحديد معالم السياسة الخارجية للدولة الجزائرية، وإذا تعذر عليهم ذلك، فالمطلوب منهم أن يعلنوها صراحة بأنهم ضد أطروحات رئيس الجمهورية، أما اللعب على الحبلين، فنعتقد أنه نهج لا يليق بمقام من ينسب نفسه لثورة نوفمبر، مع التأكيد هنا أن المطلوب ليس بالضرورة معاداة فرنسا، ولو من منطلق أنه لا توجد صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، وإنما توجد مصالح دائمة، فهل لكم أن تخرجونا من ازدواجية الخطاب... خطاب السلطة ممثلة في رجلها الأول، وخطاب أتباع هذه السلطة وأدواتها التنفيذية داخل البلد... هذا هو المطلوب فقط، أما دون ذلك، فواقعنا يقول إن كل شيء مؤجل... في السياسات الداخلية وفي السياسة الخارجية... وإلى أن يتغير الحال والأحوال هنيئا لنا عيدنا.. وكل عام ونحن بخير. [email protected]