''قال رئيس جمعية 8 ماي 45 خير الدين بوخريصة، في حواره مع ''النهار''، أن تعديل الدستور لم يأت بجديد لأن قضية العلم والنشيد الوطني واردة في كل دساتير الجزائر، واقترح تأسيس نصوص تشريعية لردع ومعاقبة كل من تسول له نفسه الإعتداء على حرمة الثوابت الوطنية لتقوية القانون الجزائري، الذي لا يزال ضعيفا وبعيدا نوعا ما عن طموحات وآمال الشعب الجزائري، مشيرا إلى رد الفعل السلبي الذي أبدته السلطات الجزائرية إزاء الجنود الفرنسيين الذين داسوا العلم الوطني. وعن مصالي قال بوخريصة أنه لم يكن خائنا، وإن عيبه تمثل في رفض تسليم مشعل الثورة لمجموعة ال 22 وهو نفس المشكل السياسي الذي تعيشه الجزائر اليوم. * ؟''الخطأ الذي ارتكبه مصالي مع مجموعة 22 يتكرر اليوم'' * ؟''لماذا سكتت السلطات الجزائرية عن إهانة جنود فرنسيين للعلم الوطني وتابعت شابا ردد ألفاظا في حق ساركوزي؟ * ؟ لماذا لا نملك حتى الآن مرجعية أصيلة عن ثورة نوفمبر المجيدة؟ * ؟؟ أسباب عديدة حالت في اعتقادي دون تدوين تاريخ الثورة الجزائرية في مقدمتها الصراعات السياسية التي تشهدها بلادنا منذ الحقبة الاستعمارية، جعلت التاريخ يقرأ وفق السياسة السائدة، في حين كان ينبغي أن يقرأ بعيدا عن كل الاعتبارات السياسية التي تجعل منه وسيلة لتحقيق أهداف معينة وهو الذي أدى إلى غياب مرجعية أصيلة وقراءة صحيحة عن رموز الثورة وأعلامها، وحتى عن أغلب أحداثها، والقضية الثانية التي أعاقت عملية تدوين تاريخ الثورة هو الخطأ الذي ارتكبته الأسرة الثورية، حيث حصرت التاريخ في الفترة الممتدة من 45 إلى 62، هي سنة استرجاع الحرية على التراب الوطني، نفس الشيء بالاحتفالات المخلدة لأحداث الثورة لا تتجاوز وقائع هذه الفترة، وأهملنا رموز الثورة وأصبحنا نتحدث عن الأمير عبد القادر اقتداء بإخواننا السوريين، ونمر على ذكرى المعارك والمقاومات مرور الكرام. * ؟ تحدثت عن قضية تسييس التاريخ، ماذا تقصد ومن تقصد؟ * ؟؟ قضية مصالي الحاج مثلا، لم يكن احد ليجرأ ويتحدث عنها في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين إلى غاية مجيئ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أمر بعقد ملتقى حول الزعيم والأب الروحي للثورة مصالي الحاج، وصالح بذلك مصالي مع الشعب الجزائري وأعاد له الاعتبار من جديد، وانتظرنا طيلة قرابة الخمسين سنة لنقدم على هذه الخطوة، في حين كان ينبغي علينا أن ننظر إلى مصالي من زاوية أخرى بعيدا عن الاعتبارات السياسية التي تصنفه ضمن الأسماء المشبوهة أو الممنوعة. * ؟ هذا لا ينفي عن مصالي تهمة الخروج عن المسعى الحقيقي للتنظيم الثوري الذي جعل أسرة الكفاح المسلح تتهمه بالخائن؟ * ؟؟ مصالي لم يكن يوما خائنا شئنا أم أبينا ويبقى الأب الروحي للثورة ولحزب الشعب، وعيبه الوحيد أنه أراد أن يفرض سيطرته على كل شيء وهو الأمر الذي اعترضته جماعة ال22 أثناء الإعداد للكفاح المسلح وجعلتهم يتهمونه بالخيانة والخروج عن مبادئ الكفاح المسلح، في حين كان عليه أن يسلم مشعل الثورة للجماعة ال22 الذين يعتقدون برؤية أخرى في طريقة خوض الكفاح المسلح غير الخطة التي رسمها مصالي وذلك وفقا للمعطيات والمستجدات الجديدة الطارئة، وهي الخلافات التي كرست الانقسام في حزب الشعب، وعيب مصالي في كل هذا انه لم يراع ذلك وأراد أن يفرض موقفه متناسيا انه توجد أطراف أخرى ومرحلة أخرى كان عليه مراعاتها، ويبدو انه نفس المشكل السياسي الذي لا نزال نتجرع مآسيه حتى الآن، حيث يمتنع رجال السلطة في بلادنا من تسليم أمور البلاد لأبناء هذا الجيل. * ؟ نعود إلى موضوعنا وهو تسييس التاريخ، ألا تظن أن غياب قانون نعود إليه في كتابة التاريخ وحمايته كما هو الحال في البلدان الأخرى هو سبب مصيبتنا؟ * ؟؟ في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، قام هذا الأخير بحذف مقطع يا فرنسا من النشيد الوطني لكن من يجرأ على مقاضاة الرئيس، والمطلوب الآن هو كما تفضلت أن نؤسس لقانون يحمي التاريخ، ويضمن عملية كتابته وتدوينه بعيدا عن أية تأثيرات سياسية، في مقدمتها حصر تاريخ ثورة التحرير في الفترة الممتدة بين 1945 و62، وتجاهل الشهداء الذين سقطوا في ساحة الشرف قبل تاريخ اندلاع ثورة نوفمبر 45، وإقصائهم من قائمة الشهداء، ومن غير المعقول كذلك إقصاء سعال بوزيد وزياري اللذان سقطا في ساحة الشرف من قائمة الشهداء وحرمان عائلاتهم من أدنى الحقوق، في وقت تتمتع عائلات أخرى من أبناء الشهداء بامتيازات ومنح. * ؟ما خلفية ذلك في اعتقادك؟ * ؟؟ الأمر يتعلق بالمنحة، وعندما يتعلق الأمر بالمصالح سيكون الأمر جد مختلف، وتبقى إعادة تقنين هذه المنح ضرورية بالنظر إلى الأشخاص الذين يستفيدون منها، خاصة فيما يتعلق بأبناء الشهداء بغض النظر عن المحتاجين منهم ويقوموا بتعويضهم بتسهيلات أخرى، الغالبية العظمى من الجزائريين تعاني الفقر، وأولاد الجزائر يموتون يوميا في عرض مياه البحر، واعتقد أنهم أولى بهذه الأموال. * ؟ أين الحل في اعتقادكم؟ * كفانا مبالغة، الشهداء الذين ضحوا في سبيل هذا الوطن لم يسعوا إلى مال ولا إلى غنيمة، يجب أن نتجاوز لغة الخشب ونطرح المشكل بصراحة، الأمر ليس بالصعب، فقط علينا أن نكون على قدر من الوعي والإرادة السياسية المبنية على إرادة الشعب، ثم إن المنطق يفرض أن يكون تقسيم ثروات البلاد بالعدل حتى لا يسود الحقد والضغينة بين أفراد المجتمع، كيف يتقاضى البرلمانيون 30 مليونا مقابل الجلوس على الكراسي، ويتقاضى الطبيب ثمانية ملايين، هذا ليس عدلا، والأفضل أن نطهر الساحة الوطنية والسياسية من كل الشوائب، ويبقى الأمر مرهون بشكل بكبير بكتابة التاريخ. * ؟ وماذا عن تعديل الدستور؟ * ؟؟ كل دساتير الجزائر ومن 1963 تحترم العلم والنشيد، بقي علينا الآن أن نتجاوز هذا إلى صياغة قوانين خاصة لردع ومعاقبة كل من تسوّل له نفسه الاعتداء على حرمتها، على غرار قضية دوس جنود فرنسيين على العلم الوطني التي أثارتها الصحافة الوطنية، لكن السلطات الجزائرية فوتت الأمر وكأنه لم يحدث شيء، ومقابل ذلك لم تتردد في مقاضاة الطالب الذي تلفظ بعبارات في حق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لدى زيارته إلى بلادنا العام الماضي، نحن كجمعية لا نملك صلاحيات مقاضاتهم وإلا لم نتردد في رفع دعوى قضائية ضدهم.