استطاع 15 شابا من مجموعة ''ناس الخير المتطوعين'' بالجزائر العاصمة، أن يتحدّوا أنفسهم والظروف القاسية التي تعاني منها مئات العائلات في الأحياء المجاورة لحديقة التجارب بالحامة، وأن يفتحوا مطعما لإفطار المحتاجين وعابري السبيل، انطلقت فكرته من موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتجسدت في الواقع. رحلة بدر الدين والآخرين من ''ناس الخير المتطوعين'' بدأت من تعوّدهم على العمل التضامني في الشهر الكريم، ليجسدوا هذا العام مشروعا كان يبدو مستحيلا، لكنهم تمكنوا بفضل بذل جهد أكبر وتعاون المحسنين أن يجمعوا عشرات الأشخاص المحتاجين حول مائدة إفطار واحدة، في مطعم نادي شركة السكك الحديدية قبالة حديقة التجارب بالحامة. بداية المشروع انطلقت مع الإعلان عن فكرة فتح المطعم عبر صفحة ''ناس الخير المتطوعين'' عبر شبكة التواصل الاجتماعي ''فايسبوك''، وتمكنت الصفحة من جلب الاهتمام، وشجعهم الكثيرون من الشباب والمواطنين على تجسيدها. ويتبرّع الكثيرون بما يلزم بناء على طلبهم على الأنترنت، كما تصل مواد غذائية، بما فيها اللحوم، من كل أنحاء العاصمة، بفضل التواصل الاجتماعي الفعال وتفوق في كثير من الأحيان توقعاتهم. ''الخبر'' ضبطت موعدا مع هؤلاء لمشاركتهم وجبة الإفطار، حيث كانت الساعة تشير إلى السابعة والنصف مساء، عندما توجهنا إلى مطعم ''ناس الخير للمتطوعين''. وقتها، كانت مجموعة من الشباب يستعجلون توزيع وجبة الإفطار على الجالسين، من تمر وحليب وغيرها من المواد المكونة لوجبة إفطار هذا اليوم، ولا مجال للحديث معهم لأنهم في سباق ضد الزمن. كانت الأجواء مميزة، خصوصا أن توافد المحتاجين وعابري السبيل، من مختلف الأعمار والفئات، يتزايد مع مرور الوقت.ويقول قائد فريق المتطوعين، بدر الدين، ل''الخبر'' بأن ''مائدة الإفطار تسبقها عملية توزيع الوجبة للعائلات المعوزة، حيث وزعنا اليوم وجبة إفطار كاملة لحوالي 90 عائلة كاملة''. ويكون تحضير الطباخ ''جمال'' للأكل بمساعدة الشباب أشبه بخلية النحل، التي تكدّ وتتعب من أجل أن تكون في الموعد قبيل الإفطار، ويقول المتحدث: ''بداية الرحلة تكون مع جمع المواد الغذائية والخضراوات من الأسواق والمساحات التجارية الكبرى، حيث يتبرّع المحسنون بكل ما يمكنهم، ليتم بعدها توفير ما يلزم لوصفة اليوم''. ويلح بدر الدين على أن ''المساعدات تجمع بشكل يومي لتوفير كل مستلزمات مائدة الإفطار، أمام كرم المواطنين الذين ينتظروننا في غالب الأحياء على مستوى هذه المساحات التجارية، بعد قراءتهم لإعلاناتنا على صفحة الفايسبوك''. في حدود الثامنة ليلا، يترقب الشباب آذان المغرب، لأنه لا يسمع انطلاقا من المطعم، ويفطر جميع المحتاجين في بداية الأمر، في حين أن أغلب الشباب المتطوع لا يفطرون إلا بعد مغادرة آخر شخص، ويجتمعون حول مائدة واحدة في جوّ متميز للحديث عن أهم ما سيحضرونه لإفطار الغد. ويقوم بعدها الجميع بالاشتراك في عملية غسل الأواني لتكون جاهزة لليوم الموالي.