الإمام المقرئ المحدث الرحالة أبو القاسم الهذلي البسكري، يُكنّى أبو الحجاج وأبو القاسم. وُلد في رمضان سنة403 ه. سافر بعد أن حفظ القرآن الكريم وتعلّم العربية وبعض متون الفقه والتوحيد، سنة 425ه في رحلة تعتبر من أشهر وأوسع وأعجب الرحلات التي سُمِعَ بها في طلب القراءات والحديث الشّريف والرّواية، فزار ونزل في أكثر من سبعين مدينة لقي فيها ما يربو على الثلاثمائة وستين شيخًا، وقد قال عنها وعنه الحافظ ابن الجزري (غاية النهاية في طبقات القرّاء) ص 397398 ترجمة رقم: 3929 ''وطاف البلاد في طلب القراءات، فلا أعلم أحدًا في هذه الأمّة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ''. بدأ هذه الرحلة الطويلة العجيبة سنة 425ه وعمره لم يتجاوز الاثنين وعشرين سنة من بسكرة، عاقدًا العزم على أن يبلغ بذلك مبلغًا لم يسبق إليه، فقدر الله له ذلك وكتب له فكان ممّا قاله بعد أن بلغ به المطاف أقصى الشرق ''.. ولو علمتُ أحدًا تقدّم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته''. واشتهر أبو القاسم الهذلي في علم القراءات، وسماعها وبرع فيها حتّى أصبح مرجعًا لا يستغنى عنه فيها، غير أنّ علمه لم يقتصر على القراءات فقط بل عرف عنه بأنّه كان محدّثًا بارعًا وإن لم يبلغ مبلغ الحفاظ الكبار، كما كان مقدّمًا في علمي النّحو والصّرف. ونظرًا للمكانة التي بلغها بين العلماء بما اكتسبه من سعة العلم وعلو الكعب في علم القراءات، عيّنه الأمير نظام الملك في المدرسة النظامية بنيسابور التي بقي مدرّسًا بها للقراءات والعلل، ثماني سنوات، إلى أن توفي سنة 564ه، وشهد جنازته، رحمه الله، الأمير ومن دونه.