الفيضان شرّد عشرات العائلات وعزل المنطقة لأيام قزّمت عطلة المسؤولين المحليين من حجم الفيضان الذي اجتاح منطقة تيمياوين بأدرار، لتتحول معاناة العائلات المنكوبة المتواصلة إلى قضاء وقدر. فبعد 5 أيام من الكارثة لايزال المتضررون ينتظرون تدخل منتخبيهم لإنقاذهم وإعادة الحياة مجددا للبلدية التي أصبحت شبه معزولة، بعد أن تسببت الأمطار الطوفانية في انهيار أجزاء كبيرة من المنازل وإتلاف شبكة الصرف الصحي وانقطاع الكهرباء. الفيضان الذي اجتاح منطقة تيمياوين التي تبعد عن دائرة برج باجي مختار ب150 كلم، شهد تضاربا في التصريحات. فبعد إعلان رئيس بلدية تيمياوين في أول الأمر عن الكارثة التي تسببت في تشريد عشرات السكان الأصليين وعزلة البدو الرحل في الشعاب، جاء والي ولاية أدرار الذي كان في عطلة خارج الولاية وفنّد الوقائع، معتبرا ما حدث في المنطقة مجرد تقلب جوي لا غير. وأمام تلك التصريحات المتناقضة، انتقلت ''الخبر'' في اليوم الموالي إلى أدرار للوقوف على حقيقة الأمر، لكن لم نستطع دخول منطقة تيمياوين إلا بعد ثلاثة أيام من وصولنا إلى برج باجي مختار التي كانت ثاني محطة لنا بعد أدرار، لأسباب أمنية وأخرى تبقى مجهولة!!! فالطريق الرابط بين برج باجي مختار يعتبر نقطة عبور للجماعات المسلحة بشمال مالي، والانتقال من وإلى المنطقة يحتاج إلى تأمين الطرق من طرف مصالح الأمن، التي رافقتنا أول أمس إلى تيمياوين. ولايزال الخطر يهدد سكان تيمياوين رغم مرور 5 أيام على الكارثة، فالعائلات المتضررة التي زارتها ''الخبر'' لاتزال تقطن ببناياتها الطوبية التي تأثرت بشكل كبير من الأمطار الأخيرة وحوّلتها، حسب قاطنيها، إلى قبور قد تنهار فوقف رؤوسهم في أي لحظة. وفي هذا الصدد، أوضح المتضررون بأن وادي ''اقدم ''، القادم من تمنراست الذي اجتاح معظم أرجاء المنطقة ليلة السبت الفارط، ارتفع منسوبه إلى متر ونصف متر وتسربت مياهه، حسبهم، إلى جميع البنايات الواقعة بأطرافه، ما جعلهم يفرون من سكناتهم ويقضون الليل بالشارع، رغم تساقط كميات معتبرة من الأمطار التي تهاطلت منذ الليل إلى غاية الصباح وزادت من منسوب الوادي. بلدية منكوبة قبل وبعد الفيضان معاناة السكان لم تكن مع الفيضان أو الأمطار المتهاطلة، بل مع ''لا مبالاة المسؤولين المحليين بالخطر الذي عايشوه''، يقولون، والذي لايزال يترصدهم، وهو المشكل الذي طرحه المتضررون الذين اتهموا منتخبيهم بالتخلي عنهم وتعريض حياتهم للخطر، مشيرين إلى أن الفيضانات تسببت في انهيار أجزاء من منازلهم الطوبية التي كانت في الأصل غير صالحة للسكن، رغم ذلك قالوا إن السلطات المحلية اقتصر تدخلها على إرسال أعوان الحماية المدنية التي أجلت العائلات الأكثر تضررا فقط، دون تقديم مساعدات أخرى للمتضررين. وأضاف قاطنو تيمياوين أن المساعدات التي تتلقاها البلدية يتم توزيعها بمحسوبية، موضحين بأن رئيس البلدية الحالي كباقي ''الأميار'' السابقين لا يهتم لجميع السكان. ومن بين الظروف التي أرهقت سكان تيمياوين، نوعية السكنات الهشة التي يعيشون بها منذ أمد طويل، حيث تقارب نسبة السكنات الطوبية المهددة بالانهيار 70 بالمائة، وهنا تساءل محدثونا عن مصير المشاريع السكنية التي أقرتها الدولة والتي لم تشهد طريقها بعد إلى البلدية. ومن بين الأحياء المنكوبة التي وقفت عليها ''الخبر'' وتحدثت إلى قاطنيها، حي ''القصر الفوقاني'' الذي لا يتوفر على أدني شروط الحياة الكريمة، فالسكان هنا يعيشون فوق ووسط الخراب، كما أن البنايات جميعها طوبية ولا تتوفر على أدنى شروط الحياة الكريمة وتفتقر للكهرباء والماء وقنوات الصرف وباقي متطلبات الحياة. من جهة أخرى، قال السكان إن الفيضان تسبب في انهيار أعمدة الكهرباء وقطع النور عن العائلات التي استفادت من شبكة الكهرباء، في حين باقي العائلات الأخرى والمقدرة ب50 بالمائة من مجمل السكان، لم يمسها ذلك الانقطاع، على اعتبار أن الكهرباء لم تعرف طريقها بعد إلى منازلهم منذ نشأتهم، مشيرين إلى وجود مشروع خاص بشبكة الكهرباء، لكن، حسب أقوالهم، لا تزال الأشغال به في حدود ال 50 بالمائة، في الوقت الذي لم تبق من مدة انتهاء الأشغال سوى حوالي 3 أشهر. وأبدى سكان تيمياوين تخوفهن من ارتفاع منسوب الوادي مجددا، مشيرين إلى أن خطر الفيضان لا يزال قائما إلى غاية شهر أكتوبر القادم، نظرا لطبيعة المنطقة التي تتميز بأمطار طوفانية خلال تلك الفترة. ويبقى الاتصال بالمسؤولين المحليين لمعرفة درجة الأضرار، أمرا مستحيلا، فمعظمهم لم تؤثر الفيضانات على عطلتهم السنوية التي لم يقطعوها للوقوف على أحوال الرعية، حيث حاولنا الاتصال بوالي ولاية أدرار، لكن وجدناه في عطلة، ولم نتمكن سوى من التحدث مع الأمين العام عبر الهاتف والذي لم يجد أمامه سوى توجيهنا إلى البلدية والوقوف على حجم الأضرار. أما رئيس بلدية تيمياوين ورغم إبلاغه بقدومنا للمنطقة ومعاينة الكارثة، فظل يُبرر لنا غيابه بالذهاب إلى الشعاب، من أجل أخذ المساعدات إلى البدو الرحل الذين كانوا معزولين منذ أكثر من أربعة أيام، حسب تصريح موظفي البلدية.