شخصية الأب تمثل الجزائري الحق المحب لأرضه قال الممثل الطيب بلميهوب، إنه يفتخر بأداء شخصية الأب في فيلم المخرج ألكسندر أركادي، ''فضل الليل على النهار''، لأنها تعكس حقيقة الجزائري، كفاحه واعتزازه بانتمائه وحبه لأرضه في تلك الفترة، معلقا: ''بعد أن شاهد ياسمينة خضرة الفيلم، قال لأركادي: كنت أتمنى لو كتبت الرواية بنفس الجمالية التي أخرجت بها الفيلم''. هل يمكن أن تعرّفنا بدورك في الفيلم؟ أؤدي في الفيلم دور الأب عيسى، وهو رجل قروي، يكافح من أجل تلبية حاجات عائلته بكل شرف وأمانة وبكل ما أوتي من قوة. لكن عند قطف ثمار جهده، يقوم المعمّرون بحرق حقله بما فيه، وهذا من أجل أخذ أرضه بالقوة، بعد أن رفض بيعها وتعذر أخذها بكل الطرق القانونية وبالتراضي. ليجد نفسه مضطرا للعمل في أي شيء وكل شيء، لكنه لم يستطع أن يتحمّل وضعه. فبعد أن كان مالكا، أصبح أجيرا، فيتخلى عن ابنه الوحيد ''يونس'' ويسلمه لأخيه (يؤدي الدور محمد فلاف)، الذي يغير اسم الطفل ذي 10 سنوات إلى جوناس، لأن زوجته أوروبية، ويحاول أن يبقى على اتصال به. لكنه في الأخير ينحرف عن الطريق، ويختفي في الطبيعة دون رجعة، ولا أحد يعرف أين ذهب. هل واجهتك صعوبات في أداء دور القروي؟ لم أجد صعوبات بالنسبة للشخصية، فهي متميزة، تحمل الكثير من القيم الإنسانية التي تميز الإنسان الجزائري في تلك الفترة، اعتزازه بنفسه، كفاحه من أجل البقاء رغم كل شيء، حبه لعائلته وأرضه، قيم حفّزتني على أداء الدور. بكل بساطة، أراها شخصية ''جزائرية بحق''. أما على مستوى اللهجة، فلم تواجهني أي صعوبات، بل إنني أتكلم الفرنسية بلكنة جزائرية واضحة، وليست لي مشاكل مع اللغة العربية. كيف تعاملت مع الشخصية من الناحية النفسية والجسدية أيضا ؟ كان الأمر سهلا بالنسبة الشكل، فقط قمت بحمية لإنقاص وزني، حتى تظهر عليّ المعاناة، والشخصية في العمل السينمائي كالولادة ''تحبل بها. وبمجرد أن تلد، تلبسك''، فقد أعطيتها الحياة فقط. من الناحية النفسية، شخصية الأب عيسى مركبة ومعقدة، وصعب أن تضع نفسك فيها، رجل يواجه الكثير من المشاكل، ويتعرّض لضغوطات نفسية كبيرة، خاصة بعد أن ينتزعوا منه أملاكه، رغم كل الشجاعة التي يتمتع بها. ليس سهلا نقل كل هذه الأحاسيس التي كانت تدور في نفس هذا الرجل، الشجاع والمكافح. ما الإحساس الذي يتركه دورك في المشاهد؟ أعتقد أنه يعطي الرغبة في البكاء، الدور يهز المشاهد، وككل الفيلم رائع، حتى أنا عندما أعدت مشاهدته بعد عرضه بكيت، تأثرت كثيرا وتذكرت أبي. ورغم أنني ولدت في فرنسا، إلا أنني جزائري، أعرف الجزائر جيّدا، وأزورها في كل مناسبة. فقد سبق أن قرأت الرواية، وكنت دائما أرى شخصية الأب الأكثر جذبا والأقرب إليّ نفسيا، وكأنها تمثلني أو تمثل أسرتي. في بعض الأحيان، هناك شخصيات نحسها فينا. يعتبر أول دور سينمائي لك، كيف كان لقاؤك بالمخرج أركادي؟ لست غريبا عن الوسط الفني والتمثيل بصفة عامة، فأنا ابن المسرح، كما كتبت عددا من النصوص المسرحية. كان لقائي بالمخرج أركادي صدفة، لأنه اختار في البداية شخصا آخر لأداء هذا الدور، والتقيت مدير ''الكاستينغ'' الخاص بالفيلم صدفة، وقال لي إن المخرج أركادي يبحث عن ممثل جزائري، بشرته بيضاء وعيناه ذات لون فاتح، لأن البطل (أي ابني في الفيلم) في شبابه له عينان زرقاوان وبشرته بيضاء، حدّدنا موعدا وسلمني السيناريو، كان بالفرنسية. قرأته فأعجبني وشدّني بقوة، واقترحت على المخرج ترجمته بالعربية وإدراج العربية في الفيلم بالإضافة إلى الفرنسية باللكنة العربية، لتقريبه أكثر من الواقع، وقمنا بالتجارب وكانت ناجحة. كيف كان أول رد فعل للكاتب بعد رؤيته للفيلم أول مرة؟ التقيت بياسمينة خضرة في العرض الخاص للفيلم، وكانت المرة الأولى، لكنني أعرف روايته وعمله، وهو شخص ملتزم كثيرا ومنعزل عن الناس، بحكم عمله. كان متأثرا جدا في أول عرض، وبكى وقال للمخرج: ''لقد أعجبني الفيلم كثيرا، كنت أتمنى لو كتبت الرواية بنفس الجمالية التي أخرجت بها الفيلم''.