تزايدت الضغوط على هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) يوم الاثنين للتعامل مع ما تردد حول إخفاء مسؤوليها مزاعم بارتكاب أحد نجومها التلفزيونيين السابقين انتهاكات جنسية بعد أن قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن هناك أسئلة خطيرة ينبغي أن تجيب عليها الهيئة. جاء تدخل كاميرون بعد تنحي رئيس تحرير برنامج (نيوزنايت) الشهير الذي تبثه المؤسسة الإعلامية ذائعة الصيت عن منصبه بعد الإقرار بتقديمه رواية "خاطئة" لسبب إلغاء (بي.بي.سي) تقريرها حول الانتهاكات التي تردد أن المذيع الراحل جيمي سافيل ارتكبها بحق فتيات قاصرات. وقال كاميرون في حديثه عن مزاعم إخفاء المعلومات "هذه أسئلة خطيرة. وتحتاج إلى الإجابة عنها." وهزت الفضيحة (بي.بي.سي) في وقت لا تزال فيه خاضعة لضغط من منتقديها - ومن بينهم الكثير من وسائل الإعلام المحافظة - الذين يتساءلون عما إذا كان من الضروري أن يستمر تمويل الهيئة البريطانية عبر رسوم ترخيص سنوية يدفعها الشعب. وقال بعض المنتقدين وأبرزهم جيمس ابن امبراطور الإعلام روبرت مردوخ إن رسوم الترخيص تمنح (بي.بي.سي) ميزة غير عادلة لا يحظى بها منافسوها من المؤسسات الخاصة. وتخفض هيئة الإذاعة البريطانية قوتها العاملة وإنتاجها بالفعل بعد أن خفضت حكومة كاميرون النفقات بصورة كبيرة ويمكن أن تمثل خسارتها لثقة الجمهور مشكلة تلقي بظلالها على المناقشات التي تجرى في المستقبل حول التمويل ورسوم الترخيص. وبينما كان سافيل الذي توفى العام الماضي لا يتمتع بشهرة تُذكر خارج بريطانيا إلا أنه كان واحدا من أبرز الشخصيات التي تظهر على شاشة التلفزيون البريطاني في فترتي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين وكان يقدم برامج في وقت الذروة. غير أن سافيل - الذي منحته الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا لقب فارس لنشاطه الخيري واشتهر بملابسه المبهرجة وشعره الأشقر وتدخينه للسيجار - يتهم باغتصاب وانتهاك فتيات في الثانية عشرة من أعمارهن والتي حدث بعضها في مقر هيئة الإذاعة البريطانية في أوج شهرته. ويقول المنتقدون إن (بي.بي.سي) تسترت على جرائمه المزعومة التي تقول الشرطة إنها ارتكبت على مدى ستة عقود و"لم يسبقها مثيل". وقال كاميرون لدى سؤاله عن القضية في أعقاب كلمة ألقاها في لندن "إن تطورات اليوم مثيرة للقلق نظرا لأن بي.بي.سي غيرت بشكل كبير من روايتها بشأن سبب إلغائها برنامج نيوزنايت حول جيمي سافيل." وذكر المراسل الأجنبي المخضرم لهيئة الإذاعة البريطانية جون سيمبسون إن طريقة تعامل المؤسسة مع القضية هي أسوأ أزمة واجهتها (بي.بي.سي) طيلة مشواره المهني الذي استمر نحو 50 عاما. وقال سيمبسون لبرنامج (بانوراما) في لقطات مصورة بثتها (بي.بي.سي) "لا أعتقد أن بي.بي.سي تعاملت معها بشكل جيد للغاية." وأضاف "كل ما نملكه كمؤسسة هو ثقة الناس.. الناس الذين يشاهدوننا ويستمعون إلينا.. وإذا لم نمتلك هذا وبدأنا نفقده فسيكون أمرا غاية في الخطورة." وزادت الأزمة من الضغط على رئيس (بي.بي.سي) الجديد جورج انتويسل لتفسير ما حدث. وحل انتويسل محل مارك طومسون - الرئيس التنفيذي الحالي لنيويورك تايمز - في منصب المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية في أغسطس آب. ومن المقرر أن يمثل انتويسل امام أعضاء البرلمان يوم الثلاثاء وسط ضجة إعلامية متزايدة لتقديم إجابات عن الأسئلة الخاصة بهذه القضية. وكانت قناة (آي.تي.في) المنافسة أول من بث المزاعم الخاصة بسافيل في نهاية سبتمبر أيلول غير أن (بي.بي.سي) واجهت موقفا محرجا عندما تبين في وقت لاحق أن برنامجها (نيوزنايت) أجرى تحقيقا حول سافيل العام الماضي لكنه لم يبث نتائجه مطلقا. وكتب بيتر ريبون رئيس تحرير (نيوزنايت) - الذي تنحى عن منصبه يوم الاثنين - على مدونته إن قرار إلغاء البرنامج اتخذ لأسباب تحريرية وإن التحقيق ركز فقط على ما إذا كان هناك قصور مؤسساتي محتمل من جانب الشرطة وممثلي الادعاء. واعترفت (بي.بي.سي) بأن تفسير ريبون كان معيبا. وقالت الهيئة في بيان "إن تفسير رئيس التحرير في مدونته لقراره بإلغاء تحقيق البرنامج إما خاطئ أو ناقص في بعض النواحي