الأخ سعد شكرا على المقال الجميل الذي بدأ بداية جيدة ولكن ختمته كالعادة بإظهار التعب، رغم أن السياق العام للتساؤلات التي طرحتها يزيد من السرور والاطمئنان بأن ترابا روي بدماء الشهداء لا يمكن للصنف الذي ذكرت أن يرتع فيه إلى الأبد. إن الذي ذكرت إن كان حقا، ويرجح أن يكون معظمه كذلك، لدليل على سنة الحق في الملك، قد تتعب أنت وأنا وغيرك وغيري، وقد تؤثر في معظمنا بالجملة الأخيرة التي بالغت في تسطيرها بوجه حق وبغيره، وقد ينعق علينا الناعقون الذين ذكرت ويولولون ويزمجرون ولكنهم سيخسرون وينهزمون عند أول صحوة صدق للورثة الشرعيين للشهداء والمجاهدين. إن للصدق لسحرا في قلوب وأفعال الجزائريين، يا أستاذ سعد، لا يمكن لدجل السياسة أو نفاقهم أن تلهيهم ولو إلى حين، يكفيك عبرة ويكفيني ويكفي كل ''تعبان'' مثلنا أن ثورة التحرير المباركة بدأت بستة رجال صادقين عانقها الملايين، بل ملايين الملايين بعد وقت وجيز. إن قطرات المطر وحبات القمح، بل وحبات الرمل الصغيرة، تصبح بركانا يدمر الاعوجاج عندما ترتصف وتتعانق بصدق الفطرة، تماما كما فعل الستة العظام ومن سار على دربهم، وكذلك تفعل قطرات المطر، فتصنع الطوفان وحبات القمح تدك العروش، وكذلك هذا العمود وأمثاله، تزيد مبيعاته ومعلقوه ويكبر انتشاره ويتضاعف عشاقه. لاحظ معي كيف تحولت مسيرات الملايين في التسعينيات إلى لا شيء لعدم وجود الصدق فيها، فطب نفسا واهدأ بالا ودع عنك التعب ولا تمرضنا به، وحدثنا بصدق العزيمة، وفقك الله...
لماذا حركت لدي المواجع يا أخي علي؟! أين هم ورثة الشهداء؟! أنا أزعم أنني خرجت من جمجمة شهيد.! ولكنني عشت طوال حياتي جبانا مثل كل أفراد جيلي البائس.. رأيت وعايشت كل مراحل عبث العابثين بالبلاد؟! نعم لم نكن نحن جيل الاستقلال في مستوى ورثة الشهداء، لأننا لم ننتج من صفوفنا مهاتير محمد أو أردوغان لبناء البلد، كما أنتج جيل نوفمبر بن بوالعيد لتحرير البلد، إنه الفشل والهوان في يا أخي علي.! إنني أتذكر الوالدة، رحمها الله، وهي تمسك بنعش أخي إسماعيل، رحمه الله، المضرج بالدماء وتصيح: قتلوا ابني الذي كان فرحا بالدنيا ولم تفرح به الدنيا.. وأتذكر والدي، رحمه الله، وهو يمسك ''ببوط'' إسماعيل الشهيد ويتلو: ''كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام''. هل فعلا أنني من ورثة الشهداء وأن أرى جيش بلدي.. الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير، ينسّق مع الناتو لضرب ''السينغال''.. وقد كان ''السينغال'' ينسّق مع الناتو لضرب الشعب الجزائري وهكذا سجلت ذاكرتي الصغيرة مسألة ''السينغال'' والناتو أيام الحرب في الجزائر؟ كيف ينسجم ما بداخل رأسي مع أطروحات الناتو في ''السينغال'' وجلد رأسي فيه آثار طائرات الناتو؟! أي بؤس هذا الذي أعيشه..؟! حتى الإرهاب عافني ولم يقتلني كما قتل زملائي في عشرية الدم؟! هل يعقل أن أسكت عمن يحكم البلاد بالفساد والظلم وأدّعي أنني من ورثة الشهداء؟! يا علي إنني أكثر من تعبان؟!