سألتني ابنتي عن سبب كثرة حديثنا عن تاريخ 5 جويلية الآن ونحن في شهر نوفمبر، وقبل أسبوعين احتفلنا بعيد ثورة التحرير. وقالت لي إن التاريخ الأول هو عيد استقلال الجزائر، ''فلماذا أنتم مستاؤون من هذا التاريخ؟ أليس الاستقلال أمرا جيدا؟''.. كانت أسئلة طفلة بريئة، وذلك عندما سمعت كل الناس يتحدّثون عن 5 جويلية، ليس تاريخ الاستقلال، بل مهزلة ملعب ال5 جويلية بمناسبة اللقاء الكروي الأخير، الذي يدخل في إطار الاحتفالية بخمسينية الاستقلال. قرّر ''المطر''، وليس القدر، أن يغسل ويزيل المساحيق التي وضعها المسؤولون عن كرة القدم في بلادنا، وكانت الفضيحة ب''جلاجل''، مثلما يُقال، والعار أكبر.. ماذا سيقول المسؤولون عن كرة القدم في بلادنا؟ وما هي المبرّرات التي ''سيرهجنا'' بها، للمرّة الألف، مسؤولو المركّب الأولمبي، الذي يحمل اسم محمد بوضياف، وملعب 5 جويلية، الذي كان إلى وقت قريب مفخرة الرياضة الجزائرية، قبل أن يتحوّل إلى ''مقبرة'' دفنت فيها الملايير؟ أليس من ''الحشمة'' أن يستقيل هؤلاء ''المسؤولين'' عن المهزلة والعار الذي ألحقوه بجزائر الاستقلال؟ ماذا ينتظر هؤلاء، وما عساهم يردّون على التعاليق المتهكّمة بتاريخ الجزائر المجيد؟ ماذا كانوا سيقولون لو حضر نجوم منتخب البرازيل، مثلما كان مبرمجا، للعب هذا اللقاء الودي؟ قال لي مصدر مسؤول، رافق منتخب البوسنة طيلة أيام تواجد الأخير بالجزائر، إن الضيوف، من إداريين وتقنيين ولاعبين، بقدر ما أعجبتهم المدينة، الجزائر العاصمة، بقدر ما اندهشوا لحال الملعب، وقالوا، أيضا، إنهم ''في حياتهم لم يشاهدوا ملعبا لكرة القدم بهذه الرداءة''، أقول لم يشاهدوا، وليس لم يلعبوا.. فماذا نقول بعد هذا؟ ابنتي الصغيرة، التي جاوبتها عن تساؤلاتها بشأن الحديث عن ''عار'' 5 جويلية، ونحن نحتفل بخمسينية الاستقلال، ردّت علي هي، أيضا، متهكّمة: ''قلت لي لعبنا ضد منتخب البوسنة؟''، فأجبتها ''نعم''، لكنها سرعان ما صحّحت لي اسم المنتخب الذي قابلناه وديا قائلة: ''لعبنا ضد منتخب ال''بو''، وقد كانت تقصد ''لابو'' (la boue)، للأسف الشديد باللغة الفرنسية، ''الطين'' و''الغرفة''.