لم يتمكن رئيس الجمهورية التونسية، السيد منصف المرزوفي، الذي نزل رفقة رئيس برلمان المرحلة الانتقالية ضيفا على مدينة سيدي بوزيد، من إكمال كلمته، بمناسبة اندلاع الثورة في تونس، إثر إقدام محمد البوعزيزي على الانتحار حرقا، حيث صرخ في وجه المرزوفي خمسة آلاف متجمهر بشعار ''إرحل'' الذي سبق ورفعوه في وجه الرئيس المخلوع. وحسب برقيات مختلف الوكالات الإخبارية، فإن المحتجين رشقوا الرئيس منصف المرزوفي ورئيس برلمانه، مصطفى بن جعفر بالحجارة والطماطم، مما دفع بقوات الشرطة إلى تسهيل عملية انسحابه من القاعة الكائنة بمقر الولاية، والتوجه إلى مركز شرطة المدينة، وقد تم الانسحاب بعد أن زحف الآلاف باتجاه المنصة التي كان يقف فوقها رئيس البرلمان. الرئيس المرزوفي، تفهّم غضب المحتجين وقال في بداية كلمته التي لم يتمكن من إنهائها ''أفهم هذا الغضب المشروع، إلا أن الحكومة حددت الداء وخلال ستة أشهر ستشكل حكومة تصف الدواء لشفاء البلاد مما تعاني منه''، وأضاف الرئيس التونسي وسط هتافات الاستهجان من الحضور ''للمرة الأولى لدينا حكومة لا تسرق أموال الشعب''. هذه الحركة الاحتجاجية صبت في خانة حزب الجبهة الشعبية المحسوب على اليسار، الذي طالب بمقاطعة ''الاحتفالات النوفمبرية للسلطة''. وبدل ذلك دعا إلى تنظيم احتجاج سلمي اليوم في ولاية سيدي بوزيد، وليس الاحتفال بالذكرى الثانية لاندلاع الثورة، وقال الحزب في البيان الذي وجه باسم تنسيقيته الجهوية في المحافظة، إن الدعوة إلى الاحتجاج موجهة إلى كل العاطلين والفقراء بالجهة. للتذكير، شهدت مدينة سيدي بوزيد التي أصبح اسمها مقرونا بمهد الثورة، منذ سنتين تاريخ إقدام البائع المتجول محمد البوعزيزي على إضرام النار في جسده، بعد أن صفعته شرطية، فأشعل الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي ثم بالمصري حسني مبارك، ثم عقيد ليبيا فاليمني علي صالح. وفي انتظار معرفة مصير بشار الأسد، تبقى المنطقة العربية كلها في انتظار مجهول تداعيات اللهيب الذي أشعله محمد البوعزيزي يوم السابع عشر ديسمبر من عام ألفين وعشرة.للإشارة، تجنبت قيادات حركة النهضة التونسية التي تقود الحكومة وتسيطر على أكبر عدد من مقاعد البرلمان، التوجه لمدينة ''مهد الثورة'' وهو ما يعني أن هذه القيادات تهربت من مواجهة الشارع في هذه المدينة.