عمت الفوضى والاشتباكات الدامية شوارع مصر، في الذكرى السنوية الثانية للثورة المصرية، ليزداد الوضع تأزما واحتقانا عقب صدور الحكم في قضية مذبحة ملعب بور سعيد، حيث قضت محكمة الجنايات المصرية بالإعدام في حق 21 من المتهمين، وأجلت النطق بالحكم ضد باقي المتهمين إلى جلسة التاسع من شهر مارس المقبل. امتزجت مشاعر الفرحة بالحزن الشديد والغضب الجارف في نفوس المصريين، وهم يستمعون إلى منطوق الحكم في قضية ملعب بورسعيد، حيث أحالت محكمة الجنايات المصرية أوراق المتهمين على مفتي الجمهورية، ما يعني ضمنيا حكما بالإعدام. وهو حكم استقبله أهالي الضحايا بفرحة عارمة وزغاريد مدوية، مقابل بكاء وعويل لأهالي المتهمين الذين قالوا إن هذا الحكم كان سياسيا. حرب شوارع بكل المقاييس اندلعت، أمس، في مدينة بور سعيد التي توشحت بالسواد عقب إصدار منطوق الحكم، حيث حاول أهالي المتهمين اقتحام السجن، لتنطلق سلسلة من الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والأهالي الساخطين، أسفرت عن مقتل 37 شخصا من بينهم اثنان من صفوف الأمن وأكثر من 300 جريح، في حصيلة أولية مرشحة للارتفاع في أي وقت مع تواصل أعمال العنف. ويرى أهالي بور سعيد أن الحكم سياسي بامتياز لإرضاء جهات معينة. ووصلت مطالب بعض الناقمين على الحكم إلى حد المطالبة باستقلال المحافظة عن مصر، ورفعوا شعارات مناوئة لنظام الرئيس مرسي، وأكدوا استمرار تظاهرهم في مختلف شوارع وميادين الحرية بالمحافظة، إلى حين يتم القصاص للشهداء، ومحملين الرئيس مرسي مسؤولية دماء المصريين التي أريقت، ما اضطر قوات الجيش للنزول لحماية المنشآت العامة والحيوية، بعد نشوب النيران في بعض مراكز الشرطة، كما نشرت البحرية المصرية وحداتها لحماية قناة السويس، بعد تهديد أهالي المتهمين بالاعتداء عليها. وعلى الجانب الآخر، احتفل أهالي الشهداء ومشجعو رابطة النادي الأهلي ''الألتراس'' بحكم المحكمة، مؤكدين أنهم ينتظرون الجزء الثاني للمحاكمة، وأنهم سيقتصون من كل من قتل ودبر. وفي القاهرة، تكررت مشاهد الكر والفر بين المحتجين وعناصر الأمن في محيط وزارة الداخلية، حيث ألقت قوات الأمن بقنابل الغاز المسيلة للدموع لتفرقة المتظاهرين، الذين ردوا بالحجارة، بينما توجه عدد من النشطاء السياسيين إلى مقر مجلس الشورى للمطالبة بإسقاط الدستور، وتعديل قانون الانتخابات، وإقالة الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء. وفي غضون ذلك، أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة في مصر، عدم مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وحملت الرئيس مرسي المسؤولية الكاملة عن إراقة دماء المصريين في مختلف ميادين الحرية عبر المحافظات، وطالبت بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة لمتابعة مجريات الأحداث التي أعقبت الذكرى الثانية للثورة المصرية. كما هددت الجبهة بالحشد لمظاهرات سلمية، الجمعة المقبل، في حال عدم الاستجابة للمطالب الخمسة الأساسية التي رفعتها، مؤكدة على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني لتحقيق مطالب الثورة، وتشكيل لجنة قانونية مستقلة لتعديل المواد الخلافية في الدستور، كما طالبت بإقالة النائب العام، وإخضاع جماعة الإخوان المسلمين للقانون، والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة. من جانبها، اتهمت جماعة الإخوان المسلمين الإعلام المضلل، حسب وصفها، بالتحريض على النظام والانقلاب على شرعية الرئيس مرسي، متهمة من وصفتهم ب''البلطجية'' بالاعتداء على الشرطة والممتلكات والمنشآت العامة.