إنّ للعالم صفة أو صفات عليه أن يتّصِف بها، ليكون أهلاً لاقتداء الخلق به، فالعالم لا يمشي إلاّ إلى خير يريد به الأجر، فهو في مشيته حليم وقور غاضّ الطرف خازن اللّسان رفيق متأدب. وفي خلوته تجده تاليًا للقرآن، مشغوفًا بذِكر الرّحمن، متفكّرًا بالنّعم، مؤدّيًا لها دوام الشُّكر، مستجيرًا بربّه، يخشى على نفسه من الشّيطان، يحفظ السّمع والبصر واللّسان بمُراقبة اللّه، لا يصحب إلاّ من يعلّمه شرعًا أو يتعلّم منه آية أو سُنّة أو أدبًا، أو يتذاكر معه عِلمًا أو قرآنًا، همُّه الفهم عن اللّه فيما أمر ونهى، وعزمه التّفقُّه بكتاب اللّه فيما يعمَل أو يذر، إن ازداد علمًا يخشى أن يكون عليه حجّة، لذلك يُسارع إلى العمل والتخلُّق به، وإن توقَّف عن تعليم يخاف من السّؤال بين يدي اللّه، يستغفر اللّه على كلّ حال، ويندم على زمن صرفه على غفلة، يبكي سرًّا من خشية اللّه، ويبتسم نهارًا رجاء رحمة اللّه. نفسه منه في تعب دائم، والنّاس منه في راحة تامّة، يحبّ الخير للخَلق أجمع، ويكره لهم السُّوء بكل وجوهه.