شكل استحواذ رجال المال على وسائل الإعلام وتغييب الأسرة الإعلامية عن القضايا الوطنية الكبرى، والدخول القوي للتكنولوجيا الحديثة عبر الأنترانت على خط المنافسة الإعلامية، محاور الندوة الفكرية التي احتضنتها، أمس، دار الثقافة ''عائشة حداد'' ببرج بوعريريج. نشط الندوة الصحفية كل من صحفي ''الخبر'' سعد بوعقبة، وحدة حزام مديرة جريدة ''الفجر''، وفؤاد بن حالة المدير السابق لإذاعة ''مونتي كارلو'' الفرنسية، كما حضرها نائب رئيس تحرير جريدة '' ''الخبر'' فضيل براهيمي، ومحمد زتيلي مستشار بوزارة الثقافة، ومدير جريدة ''صوت الأحرار'' نذير بولقرون، والإعلامي عبد العالي رزاقي، ومدير ''المساء'' عبد الرحمان تيفان. واستعرض المشاركون في هذه الندوة، التي نظمتها جمعية ''البسمة الثقافية''، برعاية السلطات الولائية ومؤسسة ''كوندور''، تجاربهم المهنية، حيث وقف سعد بوعقبة على خطر استبداد رؤوس الأموال بوسائل الإعلام، خاصة في ظل تواجد الشركات العالمية الكبرى في الجزائر، متخوفا من ''مصادرة رجال المال حرية الإعلام عن طريق الإشهار''، معتبرا خطرها أكبر من خطر النظام. وبعد الوقوف على ما حققه الإعلام الجزائري خلال العقدين الماضيين من احترافية وتخلصه من التوجيه السياسي، عاد كاتب عمود ''نقطة نظام'' للحديث عن ضرورة تفطن النظام لخطر احتلال الإعلام الأجنبي للجزائر من خلال الفضائيات ونشاط بعض السفارات، ما يستلزم، حسبه، وضع ضوابط واعية لتمكين الجزائر من احتلال مكان في الفضائيات، مع اعتبار وسائل الإعلام شريكا أساسيا في الدفاع عن الأمن القومي. وطالب بوعقبة بالاهتمام بتكوين الصحفي لخلق صحافة متحررة من سلطة النظام والمال. من جهتها، تطرقت حدة حزام لتجربتها على رأس ''الفجر''، مشيرة إلى أن عيد حرية التعبير هو يوم للمطالبة بمساحة حرية أكبر وليس يوما للاحتفال، منتقدة ما أسمته الصحافة الصفراء التي أبعدت القارئ عن مشاكله الحقيقية، وانحرفت بالمهنة، وقالت إنها كانت تأمل في تقديم إضافة على غرار ما حققته ''الخبر'' في مسيرتها، إلا أن تحويل المؤسسات الإعلامية إلى مؤسسات ربح وخسارة ومساومات، يدفع إلى التشاؤم بمستقبل الإعلام في الجزائر. ووقف الدكتور بن حالة فؤاد مطولا عند هيمنة الأنترنت على وسائل الإعلام وتأثيره على الجانب الاقتصادي، ومساحة الحرية، مشيرا إلى تحول هيمنة الإعلام السمعي البصري إلى شبه الجزيرة العربية والمنافسة بين قطر والسعودية إلى جانب الإمارات، قائلا: ''إن تحول ثقل الإعلام إلى الخليج يعكس الثقل السياسي''، مستشهدا بثقل قطر في الجامعة العربية. وأوضح المتحدث أن ''الإعلام والعولمة والتكنولوجيات الحديثة هي محور اهتمام الإنسان الحديث''، ما فرض على الجرائد المكتوبة التوجه إلى الرقمنة والأنترنت، وهو ما يتطلب صناعة جديدة، خاصة أن الأنترنت لا تستطيع الرقابة حجبه حتى في الدول الأكثر تسلطا، ثم وقف الدكتور بن حالة على الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على الإعلام، في الوقت الذي يتمتع الإعلام العربي ببحبوحة مالية نتيجة لتمويل الدول ورجال المال.