سارة حيدر وحبيب أيوب يخطفان جائزة ''التوقف في الجزائر'' من أمين الزاوي توّجت آخر أعمال الروائية الجزائرية الشابة سارة حيدر والموسومة ب ''جنوح الفواصل''، بجائزة ''التوقف في الجزائر''، التي نظمها فندق السوفيتال، عن فئة أول رواية باللغة الفرنسية، بينما نجحت رواية ''مصلح الساعات'' للكاتب الجزائري حبيب أيوب، من خطف جائزة أحسن رواية يكتبها المتخصصون، من بين خمس روايات، منها رواية ''آخر يهودي تمنطيط'' للدكتور أمين الزاوي، وبلغت قيمة جائزة الفئة الأولى 5 ملايين سنتيم والثانية 10 ملايين سنتيم، كما كان الحدث فرصة للعديد من الأدباء الفرنسيين والجزائريين لطرح إشكالية كتابة الرواية باللغة العربية وطريقة الاحتفاء بها في الجزائر. شكّل ملتقى التوقف الأدبي الذي نظمه فندق السوفيتال، فرصة للعديد من الروائيين، لطرح إشكالية اللغة العربية في الأدب الجزائري، كما أجمع أدباء فرنسيون وجزائريون من مختلف الأجيال على أهمية أن تتعامل المؤسسات الجزائريين بجدية أكثر في موضوع الجوائز، التي تسلم لتشجيع الإنتاج الأدبي، ملقين اللوم على وزارة الثقافة التي تهتم بالتكريمات ومنح الأوسمة دون تنظيم جوائز محترمة تليق بصورة الجزائر الفكرية، كما قال الروائي الفرنسي دانيس لبيبل ل''الخبر'': ''لا يوجد جوائز أدبية كثيرة في الجزائر تقوم على تطوير الأدب وتخدم المعرفة والفكر الجديد في الجزائر''. وتحدث أعضاء لجنة التحكيم المكونة من ثمانية أدباء جزائريين وفرنسيين، عن واقع الجوائز الأدبية في الجزائر. وقال الإعلامي يوسف سايح عضو لجنة التحكيم، الذي وصف جوائز وزارة الثقافة التي تمنحها مؤخرا بغير الأدبية، وأضاف في ذلك السياق: ''إن ما تقدمه وزارة الثقافة ليست جوائز ثقافية أدبية، حتى جائزة محمد ديب وطاهر جاووت وكاتب ياسين وغيرها من الجوائز الأدبية الجزائرية لم تعد موجودة''. ووصف ما يسخّر من طرف وزارة الثقافة من أموال لخدمة الحقل الأدبي بالتكريمات التي لا تندرج ضمن الجوائز المحترمة. وقال: ''لا توجد جوائز محترمة لها لجنة تحكيم وهيئة منظمة تشرف على توزيعها''. رثاء لجائزة محمد ديب دعا الروائي الجزائري جمال مرداسي إلى ضرورة التفكير في جائزة وطنية جادة، تكون متخصصة في تصنيفات الأدب، ''حتى نعطي لكل ذي حق حقه، خصوصا وأن هناك غزارة في الإنتاج الأدبي في الجزائر مؤخرا''، كما أضاف: ''نحن بحاجة إلى جائزة وطنية حقيقية، أنا شخصيا لا أعرف إلا جائزة وحيدة محترمة في الجزائر نالها محمد ديب، سنوات الستينيات منذ ذلك الحين، لم يعد هناك جوائز تعطي للأدب قيمته''. وأوضح: ''السلطات ووزارة الثقافة يجب أن تهتم بالشكل الفكري، لأن التكريم والعرفان يختلف عن الاحتفاء الفكري بالأدب''. كما أكد، من جهته، رئيس لجنة تحكيم جائزة ''التوقف في الجزائر'' الكاتب الفرانكو جزائري أكلي تجار، في معرض حديثه عن تاريخ جائزة ''التوقف في الجزائر'' التي سافرت إلى عدد من الدول الفرانكوفونية، ''اخترنا روايات لثمانية كتّاب جزائريين باللغة الفرنسية ولم يكن من الممكن أن نقدّم اللغة العربية هذه السنة لأنها التجربة الأولى''. وأوضح أنهم يسعون إلى دمج اللغة العربية وحتى الأمازيغية في الدورات القادمة في الجزائر. أما الأديبة الجزائرية الشابة المتوّجة بالجائزة سارة حيدر فقالت: ''كانت بدايتي مع جائزة أبلويس من المكتبة الوطنية عن رواية زنادقة''. وأوضحت: ''القيمة المالية للجوائز ليست مهمة ففي الجزائر هناك إهمال، حيث يتم تشجيع الكتابة النمطية بما لا يعكس الرقي الفكري في الجزائر''، الأمر الذي أكد عليه الروائي أمين الزاوي، الذي قال أن وظيفة الجزائر خلق الحراك الثقافي وحوار بين الكتّاب بين بعضهم. وقال في معرض تعليقه على جائزة ''التوقف في الجزائر''، التي لم يفز بها: ''إنها الطبعة الأولى للجائزة في ظل غياب الجوائز في الجزائر، لا توجد جائزة محترمة في الجزائر، أتمنى أن ترافق هذه الجائزة الأدباء بالعربية والفرنسية''. ملقيا اللوم على القطاع الخاص قائلا: ''في العديد من البلدان هناك جوائز الدولة وجوائز القطاع الخاص، للأسف القطاع الخاص لم يدخله هاجس الجمال والأدب، الجوائز التي تشرف عليها الدولة، ليس لها مصداقية وليس فيها وضوح ولا دفء، فالأدباء الذين يأخذون جوائز الجزائر يموتون بعد حين''. وأضاف: ''نحن بحاجة إلى جائزة مستقلة وجائزة كبيرة، ويجب أن نكون في طليعة العمل الأدبي في العالم العربي بمعنى التكريم الصادق وليس تكريم شكلي''. واستغل الزاوي المناسبة للتأكيد على أهمية أعمال حبيب أيوب وسارة حيد. الأدب باللغة العربية سجين الحوار الديني موضوع كتابة الرواية باللغة العربية، كان محور جدل كبير خلال الملتقى، كما اقترح حبيب أيوب في هذا الإطار أن تقوم الدولة بإعادة طباعة الأعمال الفائزة وتوزيعها على مكتبات البلدية، التي تم إنشاؤها مؤخرا وعرض بعض النسخ منها للبيع بما يعطي للأديب بعض الحقوق المادية. وقال حبيب إن مشكلة الأدب العربي في الجزائر هي جزء من مشكلة عامة: ''الأدب خلقا هو مشبوه ومشوش في الجزائر، وحتى تعود له الروح، يجب أن يكون هناك احترام حقيقي للأديب عبر تقديم جوائز محترمة''. وتحدّث الروائي أمين الزاوي عن تجربته في نقل قناعته بضرورة الكتابة باللغة الفرنسية لتجاوز الخطوط الحمراء الكثيرة التي تفرضها دور النشر العربية، صاحب رواية ''صهيل الجسد'' الأدب العربي سجين الحوار الديني منذ ثلاثة أجيال، لقد نسينا عمالقة من المتنبي وأبو تمام وغيرهم، وقال: ''اليوم الكتابة باللغة العربية تعتبر تحديا، فلا يمكن المعرب أن يتناول الجنس أو الحرية الفكرية في روايته بذات الكيفية التي تقدمها له اللغة الفرنسية''. من جهته، قال جورج مورن رئيس جمعية حروق الشمس الفرنسية، إن الأدب في الجزائر يتميز بتعدد اللغات، وهو ما يعني الاهتمام باللغة العربية. وأوضح أن الجزائر بلد غني باللغة رغم القطيعة بين الأدب الفرنسي والعربي. ولحل ذلك هناك الترجمة، لأن الجزائر ليست السعودية وحتى فرنسا. ففي الجزائر ثراء لغويا رائعا وفريدا من نوعه، وهذه ميزة يجب استثمارها وتعهدت إدارة جائزة ''التوقف في الجزائر''، باستحداث جائزة خاصة بالرواية الجزائرية المكتوبة باللغة العربية، كما تحدث جورج في هذا الإطار عن الدور الذي تلعبه مؤسسته في تنظيم الملتقيات المغاربية. وقال: ''نقوم بتنظيم ملتقيات و''الخبر'' مساهم فيها كل سنة للتعريف بالأدب المغاربي ودور النشر الجزائرية وغيرها''. وأضاف: ''هذه الجائزة تأتي في إطار دعم الفكر المغاربي وأيضا في ظل غياب الجوائز التي تدعم الأدب في الجزائر. شخصيا لا أعرف أن هناك جوائز جيدة في الجزائر، لم أسمع بجائزة محمد ديب، بينما في فرنسا هناك المئات من الجوائز وسيكون هناك احتفاء بالأدب العربي السنة القادمة''. وغير بعيد عن تحفيز الأدب الروائي في الجزائر، يقود مجموعة من الشعراء الجزائريين مبادرة للاحتفاء بالقصيدة الجزائرية وتكريمها عبر إطلاق جائزة ''لقبش'' الشعرية التي تنظمها جمعية كلمة للثقافة والإعلام وقد خصصت مبالغ هامة تصل حتى 60 مليون سنتيم.