اجتمع، أمس، في بلفاست، عاصمة إيرلندا الشمالية، قادة دول مجموعة الثمانية لمناقشة عدد من القضايا ذات المصلحة المشتركة، من قبيل مكافحة التهرب الضريبي وسبل توسيع نطاق التجارة الحرة بين أمريكا والقارة الأوروبية، غير أن ملف الأزمة السورية كان على رأس أجندة قادة الدول المشاركة في القمة، على اعتبار أن كل الأنظار كانت متجهة إلى لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لبحث إمكانية عقد مؤتمر جنيف 2 الشهر القادم. وسبق اللقاء الثنائي سلسلة من اللقاءات بين رؤساء الدول الثماني، إذ التقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند برئيس الوزراء البريطاني دافيد كامرون، أكد كلاهما على تمسكهما بدعم المعارضة السورية وتجديد المطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد وإتاحة الفرصة لفترة انتقالية لإنهاء إراقة الدماء. من جانبه، اعتبر الرئيس الروسي خلال لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون أن ”دعم الجماعات المسلحة في سوريا خرق للقوانين والمواثيق الدولية”، مطالبا في سياق حديثه بضرورة العمل على التوصل إلى حوار بين الأطراف المتنازعة بدلا من دعم المعارضة والتمسك برحيل الأسد، كما رفض إقامة حظر جوي على سوريا. وفي محاولة لإيجاد أرضية توافق مع روسيا، جاء رد رئيس الوزراء البريطاني بقوله إن هناك من النقاط المشتركة التي تجمع بين الموقفين الروسي والبريطاني، في تأكيد على أن الدولتين تسعيان إلى وقف إطلاق النار ومحاربة التطرف في سوريا، دون التطرق لمسألة تسليح المعارضة التي قالت عنها موسكو إنها السبب المباشر في تأجيج النزاع المسلح. في المقابل، أكد المراقبون أن مصير مؤتمر جنيف 2 ومستقبل الحل السياسي يتحدد من خلال نتائج لقاء أوباما وبوتين، على اعتبار أن التباين في مواقف البلدين بات يُشكل أكبر عائق أمام إقامة مؤتمر الحل السياسي، خاصة بعد تأكيد الرئيس الأمريكي أن إدارته على استعداد لتقديم المزيد من المساعدات للمعارضة السورية، دون تحديد نوعية المساعدات ما إذا ستكون عتادا عسكريا أم مساعدات إنسانية شاملة. بالموازاة، جاء رد الرئيس السوري على قادة الدول الثماني المجتمعين في بلفاست، محذرا من الخروج بقرار يفضي إلى تسليح المعارضة، فقد اعتبر في حديث لصحيفة ألمانية نُشر أمس أن ”أوروبا والمجتمع الدولي سيدفعان الثمن غاليا في حال ما إذا أقدموا على تسليح المعارضة”. في الأثناء وعلى هامش انعقاد القمة، شهدت شوارع عاصمة إيرلندا الشمالية تظاهرات واسعة على الرغم من الإجراءات الأمنية المكثفة، إذ تمكن المتظاهرون من السير رافعين شعارات مناهضة للسياسة الاقتصادية المنتهجة من طرف مجموعة الثمانية. مع العلم أن القمة تستمر إلى غاية اليوم، ومن المقرر أن يناقش المجتمعون مكافحة الإرهاب في العالم.