قررت السلطات الفرنسية حرمان كل متقاعد جزائري من معاشه الشهري إذا مكث في بلده لأزيد من ثلاثة أشهر ولم يسبق للمهاجرين الجزائريين أن صادفوا قانونا هكذا منذ تواجدهم في ديار الغربة لأزيد من 50 عاما ليحرمهم من البقاء في وطنهم الأم كما شاءوا. استنكر عدد من المهاجريين الجزائريين التقتهم ”الخبر” في مدينة مرسيليا هذا القانون ”الجائر” واعتبروه ”مكافأة مسمومة” لهم نظير ما قدموه طوال 50 سنة الماضية لتنمية هذا البلد وجعله متقدما ومزدهرا، في حين يعتقد آخرون بأن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها فرنسا تريد تحميل المهاجرين جزءا من تبعاتها. وقال لنا أحد المتقاعدين، 78 عاما، والدموع تذرف من عينيه بأنه كان ينوى زيارة الجزائر وتحديدا ولايته سوق أهراس والاستقرار فيها لكن هذا القانون غير تفكيره وهو الذي يعيش حاليا بفندق التفاحة الذي يقيم فيه عشرات الجزائريين الذين لا مأوى لهم، تقول صاحبة هذا الفندق الذي أصبح إقامة مجانية لكبار السن والمتشردين إما بسبب التفكك الأسري أو لكبر سنهم أو لفقدانهم لبيت يأويهم. ويبقى الأمل الوحيد للمغتربين الجزائريين من الجيل الأول أن يدفنوا في وطنهم، ولكن هذا الدفن كثيراً ما يصبح صعب المنال، فعدم التأمين يحرم المغتربين من الدفن في الجزائر، وعائلتهم بالجزائر التي كانت تتلقى التحويلات منهم بالعملة من الصعبة ترفض تحمل مصاريف نقل جثمانهم ليكون مصير هؤلاء الحرق كما ذكر لنا هؤلاء. وعلى عكس ما يظنه الكثير ممن لم يجربوا الغربة فإن حياة المهاجر في سن السبعين ليست في أحسن حال وأغلبهم لا يتمتع بدخل مادي محترم، إذ يذكر المغترب ”ع. بوجمعة” ل ”الخبر” أنه يعيش في فرنسا منذ أربعين سنة، شاهد فيها كل أنواع الظلم والاستغلال والتمييز العنصري والحرمان من الأهل الوطن، ونحن الذين قبلنا بأصعب الأعمال وأشقه، ويؤكد الحاج السعيد، 69 سنة، المنحدر من ولاية عنابة أنه طيلة 40 عاما لم يذق طعم الاستقرار العائلي، فقد تزوج 3 مرات: في المرة الأولى كانت زوجته فرنسية وقد طلقها لأنه لم يتفاهم معها، والثانية كانت تونسية من مواليد فرنسا أنجب منها طفلا ثم طلقتها لنفس السبب، والثالثة من ولاية عنابة وهي من أقاربه، عاش معها لمدة أربع سنوات فكان الفشل حليفه ككل مرة. متاعب المغتربين لا تنتهي عند هذا الحد فظلم الأقارب وتنكر فرنسا لأفضالهم وإهمال الوطن لأبنائه يجعل هؤلاء موتى أفضل من حياتهم.