يرى الخبير الاقتصادي عبد الحق لعميري أن الحكومة انتبهت متأخرة لمشكلة تفاقم فاتورة الاستيراد وما يصاحبها من تآكل لاحتياطي العملة الصعبة، معتبرا أن تعليمات الوزير الأول عبد المالك سلال لوزير المالية باتخاذ إجراءات للحد من هذه الظاهرة لن يحقق الغاية المرجوة منه، باعتبار أن المشكلة تكمن في بنية الاقتصاد الوطني التي ينبغي إعادة النظر فيها. ونفى لعميري ل “الخبر” أن يكون تهريب العملة الصعبة من الجزائر باتجاه الخارج هو السبب وراء تراجع احتياطات الجزائر من العملة الصعبة، حيث لا يتجاوز حجم تلك الأموال 5% على الأكثر، بل الأخطر من ذلك هو الخروج القانوني للعملة الصعبة وإغراقها للسوق الوطنية بالسلع الأجنبية. وأوضح لعميري أن الحكومة تجني ثمن السياسيات الخاطئة التي تم انتهاجها في السنوات الماضية من خلال التشجيع المفرط للاستيراد على حساب سياسة مبنية على تشجيع الاقتصاد الحقيقي، والنهوض بالقطاعات المنتجة في البلاد. وقال “من غير المعقول أن تمول البنوك العمومية عمليات الاستيراد، لأن مهمتها الأساسية في كل دول العالم هي تطوير الاستثمار والقطاعات الاستراتيجية، بينما يترك المجال لتمويل عمليات الاستيراد للمؤسسات المالية الخاصة”. لذلك يستبعد لعميري أن تفضي الإجراءات التي ستتخذها وزارة المالية إلى حل مشكلة تفاقم فاتورة الاستيراد التي ستصل مع نهاية السنة إلى 60 مليار دولار، مشيرا إلى أن “الإشكالية تكمن في بنية الاقتصاد التي تشجع الفشل وتقتل المبادرة من خلال الإجراءات البيروقراطية الثقيلة”. مضيفا أن أي تعليمات ظرفية “سيكون لها مفعول المسكِّن دون معالجة أصل الداء الذي ينخر الاقتصاد الوطني”. وأضاف الخبير أن الحل الأمثل للحد من الاستيراد يكمن في تشجيع الاستثمار المنتج، فالجزائر تمتلك 650 ألف مؤسسة، ويلزمها الوصول إلى 1.5 مليون مؤسسة حتى تستطيع تحقيق مستويات من الإنتاج تغنيها عن الاستيراد.