قررت دول أوروبا جنوب المتوسط شراء طائرات بدون طيار أمريكية وإسرائيلية، بغرض استعمالها في مكافحة الهجرة غير الشرعية، فيما بدأت إسبانيا في مراقبة شواطئها الجنوبية ومناطق تقع قبالة شواطئها الجنوبية والشرقية بواسطة طائرات بدون طيار، وتمكنت من منع تسلل مهاجرين سريين بواسطة القوارب من الجزائر والمغرب. لن يتمكن المهاجرون السريون في المستقبل القريب، من الوصول عن طريق القوارب إلى البر الأوروبي، على الأقل ليس بنفس العدد، بفضل تقنية مراقبة البحر بالطائرات بدون طيار التي بدأت دول في جنوب البحر المتوسط في استغلالها. وقالت دراسة في هذا الصدد إن المشروع المسمى “بيرسوس” الذي بدأ بالفعل جزئيا في إسبانيا، تأخر تجسيده بسبب الأزمة الاقتصادية في أوروبا. وكشف تقرير نشره باحثون من معهد “ديف أنتليجانس” البريطاني المتخصص في شؤون الأمن ومكافحة الإرهاب، أن إيطاليا وفرنسا وإسبانيا قررت اقتناء العشرات من الطائرات بدون طيار بعيدة المدى الإسرائيلية، من فئة “هيرون” واستغلالها في تشديد المراقبة على الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، لمنع تسلل المهاجرين السريين من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب إلى إسبانيا وإيطاليا. وتتفوق الطائرة “هيرون” على غيرها في مجال قدرتها على البقاء أكثر من 50 ساعة في الجو، وستستغل في محاربة تهريب المخدرات عن طريق الزوارق وعمليات الصيد غير الشرعي والإرهاب العابر للبحار. وأشارت الدراسة إلى أن الطائرات بدون طيار الإسرائيلية “هيرون” يمكنها مراقبة مناطق شاسعة جدا من البحر المتوسط وبتكلفة زهيدة، ويأتي هذا لمنع عمليات تهريب المخدرات التي اشتدت عبر المنطقة الغربية للبحر المتوسط، انطلاقا من المغرب، بالإضافة إلى الأخطار التي يمثلها تواجد جماعات جهادية قوية في ليبيا والصعوبة التي تواجه الدول الأوروبية في مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقد تأخر اقتناء المزيد من الطائرات بدون طيار واستغلالها في المراقبة البحرية بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بدول جنوب أوروبا حسب الدراسة دائما. وقد خصصت إسبانيا مطارات مدنية لانطلاق طائرات بدون طيار، تعمل لصالح خفر السواحل والدرك الإسبانيين وتراقب المنطقة الشرقية من البحر الأبيض المتوسط لمنع تسلل القوارب التي تنقل المهاجرين غير الشرعيين. وأكد العقيد في الدرك الإسباني خوسي مانويل سانتياغو مارين في تصريح نقلته جريدة القدس العربي، أن طائرات بدون طيار بصدد مراقبة السواحل الإسبانية والمياه الدولية تنطلق من مطار مدني في إطار مشروع للاتحاد الأوروبي، باسم “بيرسوس” يهدف إلى مراقبة الحدود المائية للاتحاد الأوروبي لرصد قوارب الهجرة السرية، ورصد تهريب المخدرات وكذلك رصد عمليات الصيد غير المرخص لها عبر طائرات بدون طيار. وتشارك في المشروع الكثير من الدول والشركات، وخاصة الدول المعنية بالهجرة في المقام الأول مثل إيطاليا وإسبانيا، حسب ذات المصدر. وتكمن المشكلة، حسب خبراء في الشؤون الأمنية والعسكرية، في كون استعمال الطائرات بدون طيار في مراقبة المياه الدولية في البحر المتوسط، يعتبر تعديا على حرية الملاحة الدولية وحركة البواخر التجارية التي ستصبح مكشوفة تماما للطائرات. كما أنه يعطي لبعض الدول الحق في مراقبة مياه دولية دون أخرى. وقد قررت الدول الأوروبية تنفيذ هذا المشروع الذي يمتد مجاله إلى غاية حدود المياه الإقليمية الجزائرية والليبية والتونسية والمغربية، دون استشارة الدول المعنية في الضفة الجنوبية للمتوسط. وقال العقيد الطيار المتقاعد حسان بساري “إن استغلال الطائرات بدون طيار في مراقبة البحر يعني نهاية الهجرة غير الشرعية بسبب قدرة هذه الطائرات على مراقبة مناطق شاسعة من البحر ليلا ونهارا، لكن المشروع سيثير مشاكل مع دول جنوب المتوسط، لأن عمليات المسح التي تنفذها الطائرات بدون طيار ستشمل كل الحركة الملاحية في البحر، بما فيها السفن الحربية والسفن الخاصة وحتى سفن النزهة ما يعد تجاوزا للحريات الخاصة”.