فضّل وزير المالية الأسبق، عبد اللطيف بن أشنهو، إطلاق مصطلح “انتفاضة” على الأحداث التي عرفتها بعض الدول العربية في إطار ما يسمى بتداعيات “الربيع العربي”، وقال إنها “تحولت إلى شتاء قارس” بالنظر إلى انعكاساتها السلبية على اقتصاديات هذه الدول وبرامجها التنموية. أوضح عبد اللطيف بن أشنهو أن الدول العربية التي عرفت اضطرابات سياسية واجتماعية بالغة الأهمية أثرت على المناخ الاقتصادي لها، لم تأخذ في الحسبان المتغيرات الاقتصادية العالمية التي عرفت أزمة حادة منذ 2008، بعد تراجع عمليات التصدير إلى الخارج من طرف الدول العربية وتراجع السياحة والاستثمارات الخارجية ونقص الموارد التي كانت تستفيد منها هذه الدول في إطار زيارات أفراد الجالية الوطنية لها، هذه المتغيرات وضعت اقتصاد ما يعرف ب«دول الربيع العربي” في وضعية صعبة وفق بن أشنهو. ويرى وزير المالية الأسبق أن التدخل اليومي للسلطات السياسية في الاقتصاد أثر على العملية الاقتصادية برمتها من منطلق أن انتقال السلطة إلى الإسلاميين جاء كنتيجة مباشرة لتقهقر الوضع الاجتماعي والاقتصادي في هذه الدول، التي ما تزال عاجزة رغم تغيير رموز الحكم عن الخروج من الأزمة. وأفاد المتحدث في إطار لقاء فكري، أول أمس، بجامعة الجزائر 3 حول “تقييم اقتصادي واجتماعي أولي للربيع العربي”، أن الانتخابات التي تمت في بلدان ما يعرف بالربيع العربي تمت في إطار برمجة سياسية مخطط لها مسبقا من طرف إما من أطراف داخلية أو في إطار المؤامرة الخارجية التي لم ينفها المتحدث، بتطرقه إلى المباركة الأمريكية لصعود الإسلاميين في العديد من الدول وعلى رأسها مصر والتي تراجعت عنها فيما بعد. ويجزم المتحدث بأن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي واجهتها الحكومات الإسلامية في هذه الدول وعلى رأسها تونس وليبيا ومصر والمغرب واليمن متوارثة عن الأنظمة السابقة، حيث واجهت اقتصاديات متدهورة ناجمة عن الأزمة المالية بأوروبا، في حين تختلف حالة العراق وسوريا التي تواجه، حسبه، مشاكل أكبر من ذلك. وذهب الوزير الأسبق للمالية إلى أبعد من ذلك عندما أكد أن 40 في المائة من الاقتصاد المصري تم تسطيره بين أيدي العسكريين، ما خلف أزمة اجتماعية عميقة وساهم في تفشي البطالة، بالنظر إلى نقص الخبرة من طرف الجهات الحاكمة في كيفيات تسيير الموارد الاقتصادية. وليست الطبقة الفقيرة وحدها التي تعاني، وفق بن أشنهو، فالأغنياء أيضا غير مرتاحين في عمليات الاستثمار في القطاع الخاص الذي يبقى “موجها” للحركة الاستثمارية وغير ناشط، ما يجعل الجو العام للاقتصاد غير مستقر. ولا تعرف مختلف طبقات المجتمع، حسبه، على غرار العمال والطبقة المتوسطة ومسؤولي القطاع الخاص الاستقرار، مسجلا أيضا هروب رؤوس الأموال مع مناخ استثمار غير مستقر ينتقده المستثمرون الأجانب. ويرى أن الأزمة الاقتصادية تتعمق في أوروبا التي تعد الشريك الأساسي للبلدان العربية، وذلك لا يسهل البحث عن حلول للمشاكل الاقتصادية. من جانبهم، يفضل المستثمرون الأجانب عدم الخوض في مغامرات ويتجنبون فتح استثمارات جديدة في دول ما يعرف بالربيع العربي ويتوجهون إلى بلدان آسيا وأمريكا اللاتينية بسبب الوضع السياسي غير المستقر.