البروفسور عبد اللطيف ابن اشنهو الخبير الاقتصادي ووزير المالية الاسبق / تصوير : بلال زواوي عارضت بقوة تصفية الخليفة ولكن لم يستمع إليّ أحد خلافي مع بوتفليقة كان حول قانون القرض والنقد قال البروفسور عبد اللطيف ابن اشنهو الخبير الاقتصادي ووزير المالية الاسبق، إن الأزمة المالية العالمية أثرت سلبا على النمو الاقتصادي في العالم وخاصة في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، مضيفا أن التجارة الدولية في حالة تراجع منذ 2008، مشيرا إلى أن أزمة الدين السيادي الأمريكي والأوروبي ستعمق الأزمة أكثر. * وأوضح ضيف منتدى "الشروق"، أن الأزمة الراهنة لا تعني كل الدول بالحدة نفسها في إشارة منه إلى مجموعة الدول الصاعدة التي حافظت على نمو اقتصادي قوي على غرار الصين والهند والبرازيل وتركيا، مرجعا ذلك إلى مجموعة من العوامل التي كانت قبل الأزمة الحالية. * وشدد ضيف منتدى "الشروق" على ضرورة قراءة الأزمة المالية من الزاويتين المذكورتين، أي أن الأزمة المالية العالمية حقيقة ملموسة وأن أمدها سيطول أكثر داخل دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية وخاصة بلدان جنوب أوروبا التي تعتبر أهم شريك تجاري للجزائر، وثانيا أن حدة الأزمة ستكون محدودة بالنسبة لمجموعة الدول الصاعدة، وهو ما يؤكد على أن الاقتصاد العالمي تغير بشكل جذري خلال العشرين سنة الأخيرة. * وأوضح بن اشنهو أن معدل النمو اليوم في الصين بلغ 9.5 بالمائة في حين تكافح أمريكا لتحقيق نمو في حدود 1 بالمائة بالكاد، مشيرا إلى أن كل المؤشرات تؤكد على أن الصين ستكون القوة الاقتصادية الاولى في العالم سنة 2020 قبل أمريكا واليابان. * وتابع البروفسور بن اشنهو أن الأزمة كشفت الخصوصيات الجديدة للاقتصاد العالمي والمتمثلة في تنوع القوى الاقتصادية في العالم وفقدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لدور الريادة والمركز المالي والتكنولوجي الذي ظلت محافظة عليه لعقود طويلة، وهو تغيير جذري في حد ذاته نتيجة بروز فاعلين ولاعبين جدد على الساحة المالية والتكنولوجية العالمية متمثلين في قوى اقتصادية ناشئة. * وكشف المتحدث الذي يعتبر من أهم العارفين بالشأن الاقتصادي العالمي بفضل شبكات علاقات متشعبة ومتنوعة تمتد إلى القارات الأربع بحكم ترأسه لجمعية الاقتصاديين للعالم الثالث، أن التغييرات الهيكلية الحاصلة في العالم مهمة جدا واستراتيجية بالنسبة للجزائر، لأن هذه القوى الناشئة تمكنت من كسر الاحتكار التكنولوجي والمالي الغربي. * وأكد المتحدث، أن الدول الناشئة، أصبحت قوى مالية وتكنولوجية حقيقية بإمكان الجزائر الاستفادة القصوى من التعاون معها من خلال علاقات استراتيجية ونوعية وطويلة الأمد وخاصة الصين والهند والبرازيل وتركيا التي تمكنت خلال 20 سنة الأخيرة من كسر الاحتكار التكنولوجي والمالي لأمريكا وأوروبا واليابان، باستثناء وحيد وهو تكنولوجيا الأسلحة، وهو ما سمح لهذه الدول بفرض قواعد لعب جديدة في العلاقات الاقتصادية العالمية. * وقال ضيف "الشروق"، إن الذي دفع نيكولا ساركوزي، إلى زيارة الصين قبل أيام إنما هو مؤشر على التغييرات الجذرية التي تحصل في العالم حيث أصبح الغرب كله يغازل الصين والدول الناشئة الأخرى ويسارع لكسب ودها، في حين تبقى الجزائر على هامش الأحداث، على الرغم من العلاقات الممتازة التي تجمعها بهذه الدول وخاصة الصين التي تحتفظ بجميل الجزائر في مساعدتها على كسب عضوية مجلس الأمن الدولي خلال رئاسة الجزائر لمجلس الأمن عندما كان الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة وزيرا للخارجية بداية سبعينيات القرن الماضي. * وتابع بن اشنهو، أن هذه الدول أصبحت لها كلمتها في التجارة الدولية وفي توظيف إمكاناتها المالية الضخمة وكذا استثماراتها المباشرة. * وكشف بن اشنهو، أن الدول الناشئة أصبحت أكثر اهتماما بتطوير استراتيجية وطنية لتغطية أسواقها الداخلية العملاقة مما يفرض فلسفة تسويق جديدة بالاعتماد على الداخل وهو ما سمح بتطوير جيد لمستوى الدخل في هذه البلدان. * وأوضح المتحدث أن شركات هذه الدول شرعت في غزو الأسواق الخارجية بسرعة وأصبح لها صوت في الاقتصاد الدولي، مشددا على أن نجاح الدول الناشئة لا علاقة له بعدد السكان المرتفع، بل له علاقة مباشرة بتنويع الاقتصاد وطريقة النمو ومضمون النمو الاقتصادي والقوة المالية والتكنولوجية التي حققتها هذه الدول. *
* كيف نجحت الدول الصاعدة؟ * عدَد البروفسور والخبير الاقتصادي عبد اللطيف بن اشنهو، العوامل الرئيسية التي صنعت نجاح الصين والهند وماليزيا والبرازيل وتركيا وكوريا الجنوبية واندونيسيا والشيلي والمكسيك وروسيا وجنوب إفريقيا، والتي تتمثل في وجود قدرة ادخار داخلية قوية سمحت لها بتحقيق نسب استثمار عالية، معتبرا أن شرط الادخار ضروري لكنه غير كاف على الرغم من تجاوز معدلات الادخار في بعض هذه الدول 48 بالمائة. * العامل الثاني، بحسب صاحب كتاب "الدول الصاعدة"، الذي صدر قبل أيام ونزل إلى الأسواق في الجزائروفرنسا، يتمثل في الاستقرار في السياسات الاقتصادية منذ 1980 بالنسبة للصين و1990 بالنسبة للدول الأخرى ومنها الهند والبرازيل وغيرها، مشددا على أن الاستمرار في السياسات الاقتصادية غير مرتبط بتغير الحكومات والقيادات بل هناك إجماع على الاستمرار على النهج الاقتصادي المرسوم نفسه مهما تغيرت الحكومات، وهو ما حدث في الهند مثلا مع ماونهام سينغ. * العامل الثالث، يتمثل في ترحيب جميع هذه البلدان بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، كل حسب خصوصيته الوطنية، ولكن نقطة الإجماع أنها رحبت ولا تزال ترحب بالاستثمار الأجنبي المباشر، من الصين وترحيبها بكبريات شركات صناعة الطيران والتكنولوجية عالية الدقة، إلى البرازيل وتكنولوجيا الفضاء أو السيارات، إلى الهند والمعلوماتية والتكنولوجيا الحيوية، وتركيا التي هي مصنع أوروبا، مشددا على أن القفزة التكنولوجية تحققت بفضل الاستثمارات المباشرة وشراء أصول الشركات الغربية التي تملك التكنولوجيا والدخول في شراكات معها في هذه الدول وفي بلدانها الأصلية. *
* الديمقراطية والنمو الاقتصادي * يعتقد بن اشنهو، أنه لا توجد علاقة واضحة بين الديمقراطية والنمو في الدول الناشئة، وبين الأنظمة السياسية السائدة والنتائج الاقتصادية التي تحققت. غير أن الانفتاح الديمقراطي والحريات والحقوق السياسية والمشاركة تصبح ضرورية خلال مرحلة التطور، مشددا على وجوب تغيير الأنظمة السياسة بوتيرة تتناسب مع التطور الحاصل داخل هذه المجتمعات على جميع الأصعدة بما فيها الحريات النقابية والسياسية من أجل تدعيم ومواصلة النتائج الاقتصادية ودفعها إلى الأمام. * ويجزم المتحدث، أن التطور الاقتصادي الذي حققته الدول الناشئة وعلى رأسها الصين أعطى حريات عديدة. وهو ما يبين أن الانفتاح السياسي مهم جدا، وهو ما عرفته الصين التي أصبحت تستمع جيدا إلى المعارضة وتشركها في اتخاذ القرار وفي الحوار المتواصل وتفتح معها باب النقاش، وهو ما نحتاج إليه يقول المتحدث. *
* أوروبا تدفع ثمن اليورو * يرى وزير المالية الأسبق، أن أوروبا تعاني من أزمة هيكلية لن تتخطاها بسرعة، مضيفا أنها في أزمة لأن العالم في أزمة من جهة، ولأسباب داخلية خاصة بأوروبا من ناحية ثانية، مشيرا إلى أن ليس كل أوروبا على درجة الحدة نفسها مع الأزمة وخاصة دول شمال أوروبا وألمانيا، على عكس بلدان الجنوب الأوروبي التي تتخبط في أزمة هيكلية لن تخرج منها قريبا، بسبب الطريقة التي دخلت بها دول شمال أوروبا وعلى رأسها ألمانيا إلى اليورو بالمقارنة مع طريقة دخول دول الجنوب. * وقال ضيف المنتدى، إن أوروبا اليوم تدفع ثمن اليورو الموحد، وثمن الخضوع لشروط ألمانيا التي استفادت من اليورو أفضل من دول الجنوب الأوروبي التي تتخبط اليوم في الأزمة، مشددا على أن مصيبة أوروبا اليوم هي الاورو، مما دفع بالعديد من الساسة وكبار الاقتصاديين في أوروبا يطالبون بالخروج من اليورو. *
* مصيبة الجزائر أن شركاءها الرئيسيين هم ضحايا الاورو * يرى بن اشنهو، أن الجزائر ستتأثر بقوة من الأزمة الأوروبية، لأن شركاءها الرئيسيين في أوروبا هم أكبر ضحايا الاورو، متسائلا لماذا لا نوثق تعاوننا مع ألمانيا. * وتساءل المتحدث، ما المانع في ذلك من أجل المصلحة الاستراتيجية للبلاد على المدى المتوسط والبعيد؟ قبل أن يضيف، ماذا ستفعله الجزائر في حال توقفت دول جنوب أوروبا عن استيراد الغاز الجزائري، وماذا ستفعل الجزائر في حال قامت هذه الدول بتهديد الجزائر بالذهاب الى الأسواق الحرة للحصول على الغاز بأسعار أقل من أسعار العقود الطويلة التي تربطها بالجزائر. *
* لا توجد مؤامرة وراء الأزمة المالية العالمية * فند البروفسور بن اشنهو، وجود مؤامرة وراء الأزمة المالية، وقال إن الأزمة ضربت بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في الصميم، وهذا دليل على عدم وجود ما تتداوله بعض الجهات من أن قوى مسيطرة هي من يقف وراء الأزمة التي لم تمس الدول الصاعدة بالحدة نفسها. * وقال بن اشنهو، إن هناك أسبابا داخلية في أمريكا ساهمت بشكل مباشر في خلق الأزمة الحالية التي هي أمريكية بامتياز، وخاصة التغيير الجذري الحاصل في أسس الاقتصاد الأمريكي الذي أصبح يختلف جذريا عما كان عليه في سنوات 1980 و 1990. * الأزمة تنعكس على الجزائر مباشرة * كشف وزير المالية الأسبق، أن تصدير الجزائر للمحروقات لم يعد بالسهولة التي كانت في السابق، مشيرا إلى التغييرات الجذرية الحاصلة في سوق الغاز العالمية. * وأضاف، بن اشنهو أن سوق الغاز تغيرت بصفة جذرية بعد أن أصبحت أمريكا قادرة على تصدير الغاز بدل من استيراده، ولكن الآن أصبح كل إنتاج العالم من الغاز تقريبا يوجه نحو أوروبا بدرجة أساسية وآسيا في المرتبة الثانية، مما زاد من حدة هيمنة الأسواق الحرة للغاز، وهو ما سيضعف بحدة الموقف التفاوضي للجزائر بالنسبة للأسعار الخاصة بالعقود الطويلة. *
* تعديل شروط الاستثمار الأجنبي سنة 2009 قرار خاطئ * استغرب البروفسور بن اشنهو، تحت أي ظروف وماهي الأسباب التي جعلت الحكومة تعدل شروط الاستثمار الأجنبي بالجزائر ومراجعة حصة الشركاء الأجانب على أساس قاعدة 49/51 بالمائة. * وقال المتحدث، إنه قرار خاطئ بكل المعايير الاقتصادية، ففي الوقت الذي اشتدت الأزمة المالية وتراجع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر قررت الجزائر اتخاذ هذا القرار الذي سبب لها أضرارا جسيمة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي أولا وقبل كل شيء، فضلا عن هروب رؤوس أموال واستثمارات خليجية تأثرت بفعل الأزمة العالمية. * وتابع ضيف"الشروق" أنه لا يفهم أسباب التخبط في القرارات الاقتصادية، ففي الوقت الذي توقع فيه الجزائر على اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، تقوم الحكومة بعرقلة الاستثمارات المحلية والأجنبية، حتى تلك المتعلقة بالسلع والخدمات المستوردة من دول الاتحاد الأوروبي نفسها في مقابل تحرير السوق الداخلية أمام المستوردين بحرية مطلقة، وهو التضارب الذي أصاب شركاء الجزائر بالذهول، وعلى رأسهم المسؤولون ببروكسل، فضلا عن مسؤولين كبار في البنك العالمي استغربوا موقف الجزائر التي قررت التحرير التام لتجارتها الخارجية وفي الوقت نفسه تضع حواجز أمام الاستثمار الأجنبي المباشر، مشددا على أنه موقف غير مناسب من الحكومة التي قامت بفعل يعاكس تماما كل ما تقوم به كل الدول التي تبحث عن استثمارات أجنبية أو تريد الاحتفاظ بالموجود منها على الأقل. * وتساءل لماذا لم تعين الحكومة خلية أزمة لمتابعة الأزمة المالية العالمية واتخاذ القرارات المناسبة أو تعدل بعض سياساتها الاقتصادية أو التجارية؟ *
* ارتفاع احتياطي الصرف دليل ضعف السياسة الاقتصادية المنتهجة * ذهب البروفسور بن اشنهو، عكس المهللين لارتفاع احتياطات الصرف الجزائرية، مؤكدا أن ارتفاع احتياطات الصرف ليس دليلا على السياسة الاقتصادية الرشيدة كما يعتقد البعض، بل عكس ذلك تماما، فهو دليل على ضعف معدلات الاستثمار الحقيقي في القطاعات المنتجة. * وقال المتحدث إن الاستثمار في البنية التحتية لا يكفي، وفي حال تقرر قلب المعادلة، أي تغليب حصة الاستثمار المنتج، فإن احتياطات الصرف سيتم تجفيفها في ظرف سنتين الى ثلاث سنوات، مشددا على وجوب استعمال تلك الاحتياطات بطريقة رشيدة لدعم الاستثمار المنتج لبناء مرحلة ما بعد النفط من خلال استثمار منتج يسمح بنمو قوي يفوق 10 بالمائة سنويا وليس 4 بالمائة، مضيفا أن النمو الذي يخلق وظائف يجب أن يكون فوق 10 بالمائة وأكثر للقضاء فعليا على البطالة. * وأرجع المتحدث ارتفاع الاحتياطي الجزائري إلى سبب واحد وهو ضعف قدرة الاستيعاب في مجال الاستثمار المنتج ومحدوديتها. *
* الجزائر في حاجة فعلية وآنية إلى صندوق سيادي * ألح البروفسور بن اشنهو، على ضرورة مضي الجزائر نحو إطلاق صندوق سيادي وبسرعة لاستغلال الفرص الاقتصادية التاريخية المتوفرة بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية. * وقال المتحدث إن ما يعنيه بالصندوق السيادي هو إنشاء صندوق للاستثمار وتوظيف احتياطي الصرف في التنمية الفعلية، على أن لا يذهب منه الى الخارج سوى 1.5 بالمائة فقط من الأصول الإجمالية لاحتياطي الصرف، و98.5 بالمائة يستعمل في الداخل لبناء اقتصاد حقيقي. * وكشف ضيف المنتدى، أن عملية سوء فهم واسعة صاحبت تصريحاته الخاصة بالصندوق السيادي قبل سنوات، وقال إن القصور في الفهم فوت فرصا تاريخية على الجزائر، مضيفا أن الأصوات التي اتهمته بأنه يريد اللعب بأموال الشعب هي تهم تنم عن جهل أصحابها، قائلا إنه لم يلعب بأموال الشعب وهو مسؤول في شبابه ولن يلعب بها وهو في الستين من عمره، غير أنه لم يخف أسفه العميق للجهل الذي سبب ويسبب خسائر جمة للجزائر. * وأوضح المتحدث أن أموال الصندوق السيادي لا تذهب مثلا إلى تطهير المؤسسات التي سببت كوارث للشعب الجزائري بدون فائدة. * وقال بن اشنهو ماذا جنت البلاد من التطهير المتكرر منذ 1991 ؟ ماهي الفائدة، ليخلص إلى القول، إننا لم نجنِ شيئا من التطهير المتكرر سوى ضمان حياة مؤسسات غير قابلة للحياة، لأن طريقة إدارة الجزائر لقطاعها العام بالية وقديمة جدا وغير صالحة في الوقت الحاضر، مؤكدا على ضرورة إعادة النظر وبسرعة في أسلوب تسيير القطاع العام قبل فوات الأوان. * وقال إن الجزائر يمكنها أن تستعمل مثلا جزءا من صندوقها السيادي للمساهمة في رأس مال إنشاء مؤسسات ومجمعات مشتركة مع الأجانب في الجزائر في الفروع الصناعية والتقنية والخدمية التي تحتاج إليها، كما يمكن أن تستعمله للمساهمة في تمويل مشاريع البحث العلمي في الخارج في الهند والبرازيل أو كوريا مثلا في القطاعات التي تحتاجها ومنها الأدوية والتكنولوجيا الجديدة والطاقات المتجددة وغيرها، وكذا شراء شركات في الخارج لأنها البوابة الوحيدة في عالم اليوم للحصول على التكنولوجيا مباشرة كما فعلت الدول الناشئة. * وخلص المتحدث إلى أن السبب الأول والأخير الذي يمنع الجزائر من إنشاء صندوق ثروة سيادية هو غياب عامل الثقة بين الجزائريين. *
* تخفيض عجز الميزانية عن طريق مكافحة التحايل الضريبي * أشار البروفسور بن اشنهو إلى أن الجزائر بإمكانها تخفيض العجز الكبير في ميزانيتها السنوية ليس عن طريق الاعتماد على الجباية البترولية، بل من خلال الانتباه الى الحيل الضريبية (Niches fiscale) الاقتصادية والاجتماعية الموجودة حاليا والتي لا تستفيد منها المجموعة الوطنية، أي أنها امتيازات مجانية يستفيد منها بعض رجال الأعمال وبعض الشركات بدون أن تقدم مقابلها للمجتمع أو الاقتصاد الوطني سواء في مجال الاستثمار أو مجال مكافحة البطالة في مجال العمل الخيري، مشيرا إلى ضرورة الحرص على مراقبة كل دولار يخرج من الخزينة العمومية واستغلاله بطريقة مثلى وعدم منح أي امتياز لأي كان بدون مقابل اقتصادي أو اجتماعي. *
* تطهير الساحة المالية من الجزائريين خطأ كبير * انتقد ضيف "الشروق" بحدة قرار الحكومة بتصفية جميع البنوك الخاصة الجزائرية وتطهير الساحة المالية من الجزائريين، وقال إن القرار كان خطأ كبيرا ترتكبه الحكومة بعد أزمة الخليفة. * وكشف المتحدث أنه دافع عن قرار تأميم البنك وتغيير اسمه والسماح له بالاستمرار في العمل، ونفس الشيء بالنسبة لشركة الطيران التي كانت تملك سوقا وكان بإمكانها رد القروض وتحقيق النجاح، مشددا على أنه كان مؤشرا سيئا للغاية للمستثمرين المحليين والأجانب. * وقدم المتحدث شهادة تاريخية، قائلا إن هناك فريق مهم ( كان هو أحدهم) كان ضد تصفية مجمع الخليفة، إلا أن بعض الأصوات كانت تطالب بمسح الخليفة من التاريخ. * مضيفا أن الخطأ الآخر يتمثل في إطلاق يد الأجانب في الساحة المالية بدون مراقبة لسنوات طويلة ثم الانقلاب ب180 درجة وجرجرة بعضهم إلى المحاكم. * ويعتقد المتحدث أن الذهاب إلى القضاء هو آخر ما يمكن اللجوء إليه بعد نفاد كل السبل، لأنه ليس من مصلحة الجزائر جرجرة بنوك ذات سمعة عالمية أمام القضاء بدون تهم واضحة، لان تلك البنوك تملك من القوة ما يمكنها من إلحاق الضرر بسمعة البلاد في الخارج. *
* لا نملك شركة قادرة على إنجاز 5000 مسكن بالمعايير الدولية * قال بن اشنهو، إن الدول التي تتوفر على برامج استثمار عمومي ضخمة تقوم باستغلال تلك المشاريع لبناء شركات قوية سواء بالشراكة أو منفردة، إلا الجزائر. مضيفا أن الجزائر لا تتوفر اليوم على شركة مقاولات قادرة على بناء 5000 مسكن بالمعايير الدولية (السعر والجودة والوقت) على الرغم من إعلانها إنجاز ملايين المساكن. *
* إشراف الوزير الأول على مجلس مساهمات الدولة غير منطقي * اعتبر البروفسور بن اشنهو، قرار إشراف الوزير الأول على مجلس مساهمات الدولة خطأ استراتيجيا لا يمكن الاستمرار فيه، مضيفا أنه ليس ضد الأشخاص، بل ضد المبدأ، لأن مجلس المساهمات هو قلب الإصلاح الاقتصادي في الجزائر ومهمته ربما تفوق حتى رئيس الحكومة، وخاصة عندما يكون رئيس الحكومة بدون معاونين ويشرف شخصيا على كل شيء، وهذا بالنظر الى الملفات الاستراتيجية التي يتناولها المجلس والتي تحتاج إلى تفرغ ومتابعة دقيقة، مشددا على أن طريقة تسييره هي السبب في فشل ملفات الإصلاح الاقتصادي. *
* ألح على ضرورة التقرب من ألمانيا والدول الصاعدة * الجزائر رهنت علاقاتها بدول مأزومة *
* حذّر وزير المالية الأسبق، عبد اللطيف بن اشنهو، من انكفاء الجزائر في علاقاتها الاقتصادية مع دول أوربا الجنوبية، ودعا إلى تنويع وتوسيع هذه العلاقات مع ألمانيا باعتبارها القوة الاقتصادية الاولى في الاتحاد الأوربي، وتوسيع شراكاتها الى الدول الصاعدة، وعلى رأسها الصين والبرازيل والهند وتركيا. * وقال بن اشنهو في منتدى "الشروق" إن الجزائر رهنت علاقاتها الاقتصادية بدول تعاني من أزمات هيكلية تبدو طويلة الأمد، مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال، في حين تدير ظهرها لأضخم اقتصاديات القارة العجوز وأكثرها استقرارا وبعدا عن الأزمات، وهي ألمانيا، مثمّنا الشراكة التي أطلقتها مؤسسة الجيش مع شركات ألمانية متخصصة في صناعة الميكانيك السيارات. * ودعا الخبير الاقتصادي، الحكومة الجزائرية إلى مراعاة مصالح البلاد في علاقاتها الاقتصادية، وشدد على الضرورة التقرب من ألمانيا، لأن الجزائر هي التي بحاجة إليها وليس العكس، وقال "ألمانيا تنظر إلى شرقها وإلى آسيا لاعتبارات منطقية، لكون مؤشر نموها الاقتصادي مرتبطا بشكل كبير بهذه الدول"، مشددا على أن ربط علاقات قوية مع كل من الصين والهند وتركيا والبرازيل، يبقى أمرا لا مفر منه، لكون اقتصادياتها في تنام مضطرد وفي منأى من الأزمة المالية. * وتابع: "ألمانيا والدول الناشئة الأخرى ليست بحاجة إلى الجزائر، ولكن مصلحتنا تقتضي التقرب من هذه القوى، ومشكلتنا أننا لا نسعى إلى مد الجسور الاقتصادية مع هذه الدول، لا نتصل بهم ولا نطلبهم للنقاش. هذا أمر غير مفهوم، لأن تنويع العلاقات مطلب حيوي لا مفر منه"، وهنا أشار إلى ضرورة استثمار سمعة الجزائريين لدى الصين في النهوض بالعلاقات الاقتصادية أكثر مما هي عليه الآن. * واستهجن المستشار السابق لرئيس الجمهورية، التفضيل المبالغ فيه للفرنسيين على حساب غيرهم من الدول في العلاقات الاقتصادية، وقال: "رغم ما بين البلدين من مد وجزر، لكنها تبقى شريكا لا يمكن الاستغناء عنه للاعتبارات والظروف التاريخية المعروفة"، لافتا إلى أن "باريس تبقى صانعة الرأي العام الأوربي في كل القضايا المتعلقة بالجزائر، وعلينا أن ندرك هذا الأمر جيدا، وبالتالي علينا أن نعمل من أجل تسويق صورتنا كما نريدها نحن عن طريق التواصل المباشر مع القوى الاقتصادية الأخرى في أوروبا والعالم". * وينطلق بن اشنهو من مشروع "ديزرتيك"، ليحكم على ضعف التعاطي الرسمي مع هذا المشروع، ليقول "كيف يعقل أن يحضر المستشار الألماني على رأس وفد رسمي هام للجزائر، ليطرح هذا المشروع، غير أن كثرة اللغط، وبروز مخاوف من أن تخسر سونلغاز احتكارها لسوق الكهرباء أفشلت المشروع.. كان يتعين الترحيب بالمشروع كي نتعلم من التجربة الألمانية. مضيفا، أعتقد أن فشل المشروع يعتبر خسارة للجزائر لأنه كان يمكن الاستفادة منه، وبالمقابل تصدير الغاز الذي كان يوجه لإنتاج الكهرباء". *
* فشل اتفاق الشراكة سببه التضارب بين التجارة الخارجية والاستثمار الداخلي * أرجع عبد اللطيف بن اشنهو فشل اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوربي، إلى التناقض الموجود بين السياسة المتبعة في قطاع التجارة الخارجية من جهة والاستثمار المنتج من جهة أخرى، وليس لعيب في الاتفاق ذاته. * وقال المتحدث: "بصراحة كنت من المدافعين عن اتفاق الشركة مع الاتحاد الأوربي، لما له من أهمية بالنسبة للاقتصاد الوطني. وعندما نوقع اتفاقا من هذا القبيل، فلا بد من تطبيق سياسات اقتصادية ومالية واضحة تكون في مستوى هذا التحدي". * وتابع: "لقد أمهل اتفاق الشراكة، الجزائر 15 سنة للتفكيك الجمركي الشامل، وهي مهلة كافية للدول كي تنوع اقتصادها، لكننا خسرنا الرهان، والمفزع أن الحكومة قامت بإجراءات ضد التيار العام 2009، ومنها القرار المتعلق بتحديد مساهمة المستثمرين الأجانب في حدود 49 بالمائة، مقابل 51 بالمائة للطرف الجزائري"، مشيرا إلى أن هذا الإجراء لم يكن البتة في صالح الجزائر في الظروف الراهنة. * واستغرب المتحدث سياسة الإغلاق الممنهج التي لم تقد البلاد سوى إلى الهاوية منذ أربعين سنة، ومع ذلك لم نتعظ وعدنا إلى الأسلوب ذاته، وضرب مثالا بالتجربة التركية التي تحتل الريادة بين الاقتصاديات الصاعدة، قائلا إنها نجحت. *
* بن اشنهو: خلافي مع بوتفليقة حول قانون النقد والقرض * فند، عبد اللطيف بن اشنهو، وزير المالية الأسبق حصول خلافات كبيرة بينه وبين رئيس الجمهورية، خلال توليه حقيبة المالية بين 2000 إلى 2001 ، واعتبر خروجه من الحكومة في أول تعديل لحكومة علي بن فليس، في 31 ماي 2001، المتزامن مع أول برنامج إنعاش اقتصادي بقيمة 7.5 مليار دولار، أنه " ليس بسبب برنامج الإنعاش 100 بالمائة، ولكن بسبب أن وزير المالية لا يمكنه القول نعم في كل شيء". * وأضاف "الشغل الشاغل لوزير المالية في أية حكومة هو تسبيق الأولويات، وخروجي كان نتيجة خلاف حول إصلاح قانون النقد والقرض الصادر سنة 1990، وكنت قد بدأت فيه سنة 2000". * وقال المتحدث " بمجرد دخولي الحكومة قلت يجب القيام بإصلاح النص"، ولما فشلت انسحبت، فأنا لم أخرج ضد الرئيس كما هو سائد". * وحرص " ضيف الشروق" على تكذيب ما راج عن حقيقة الخلاف بينه وبين الرئيس، بقوله " كذب أنني رفضت تمويل الاستثمارات العمومية، ولكن وزير المالية الذي لا يقول كلمته.. يمشي يلعب..."، مضيفا " وزير المالية يجب أن يقول لا عندما يكون ذلك ضرورة"، وأوضح "يجب قول الحقيقة للشعب ولخدمة البلاد، وهذه هي السياسة في جانبها الأخلاقي.. " *
* إنشاء وزارة قوية للاقتصاد مكلفة بالإصلاح والمالية * أكد ضيف "الشروق" إنه مع فكرة إنشاء وزارة قوية للاقتصاد مكلفة بالإصلاح والمالية، وتضم جميع الدوائر ذات الصلة بالقطاع الاقتصادي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، ولإحداث رؤية اقتصادية طويلة المدى ترافقها سياسة نهضوية لا تتأثر بتغير الأشخاص في السلطة، موضحا "نحتاج لاتفاق تام مع رئيس الحكومة، لأن القضية مطروحة في هياكل الحكومة لإنشاء برنامج معين، لان تلك الهياكل تكون مسؤولة عن النشاط الاقتصادي والمالي في الجزائر، ولا تزال قضية الهياكل مطروحة منذ سنة 2000". * معتبرا أن العديد من الدول تضع وزير الاقتصاد نائبا للوزير الأول لتخفيف الضغط على رئيس الحكومة أو الوزير الأول، وجعله مشرفا على أهم الملفات الاقتصادية والمالية التي يديرها البلد. * وقال بن اشنهو، إن هناك علاقة بين الأموال والإصلاح الاقتصادي بحيث أن الإصلاح بدون أموال لا يتم والعكس كذلك، معتبرا أن إصلاح القطاع العمومي لا بد منه، من خلال تكوين الكفاءات. *
* "أحداث ليبيا مخطط لإعادة تشكيل خريطة شمال إفريقيا" * أكد الخبير الاقتصادي أن هناك مخططا جيواستراتيجيا رهيبا لإعادة تشكيل خريطة شمال إفريقيا، من خلال ما تقوم بتنفيذه القوى الكبرى في العالم ومنها أمريكا وفرنسا، في ليبيا وتونس ومصر، داعيا السلطات الجزائرية لضرورة التحرك في المحيط، والأخذ بعين الاعتبار ذلك لأنها معنية بكل ما يحدث بشكل مباشر سواء من الجانب السياسي أو الاقتصادي. * وقال وزير المالية الأسبق، إن الخريطة الجديدة للمنطقة، ستكون لها انعكاسات كبيرة على الجزائر سياسيا واقتصاديا، مشددا على ضرورة أخذ بالاعتبار كل ما يحدث في ليبيا لأنه جزء من مخطط تشكيل جغرافية جديدة لمنطقة شمال إفريقيا لأسباب اقتصادية وسياسية متعلقة بأوروبا. *
* الأنظمة السياسية يجب أن تتطور مع المجتمع الراهن * يشير البروفيسور عبد اللطيف بن اشنهو إلى حاجة الجزائريين إلى طموح، وفهم الفرق بين الأمس واليوم، وبين مرحلة النهضة الوطنية وتأميم المحروقات والمرحلة الراهنة. * ويرى المتحدث الذي تولى مناصب قيادية في حزب جبهة التحرير الوطني سبعينيات القرن الماضي، بأن المجتمع يتطور، ما يستلزم تطور الأنظمة السياسية والأفكار السائدة، بالقول " ما قيل لمجتمع تركيبته 80 بالمائة من الأميين، ليس الشيء نفسه يقال لمجتمع 80 بالمائة منه متعلمون"، مشددا على أن لكل مرحلة خطابها وكيفية إدارة دبلوماسيتها لخدمة الاقتصاد الوطني. *
* البروفيسور الذي يحلم بجزائر في مصاف الدول الصاعدة * من مواليد سنة 1944 بتلمسان، متزوج وأب لطفلين، قام بالدراسات القاعدية الابتدائي والإكمالي والثانوي بمسقط رأسه، ثم تحول إلى العاصمة الفرنسية باريس لاستكمال دراساته الجامعية، هو وزير المالية الأسبق عبد اللطيف بن اشنهو. * تخرج في معهد العلوم الاقتصادية بباريس (فرنسا) وتولى مسؤولية عميد معهد العلوم الاقتصادية بالجزائر العاصمة، وهو أمين عام لجمعية الاقتصاديين لدول العالم الثالث، وحاليا محاضر دولي، تولى حقيبة المالية ضمن الطقم الحكومي لفترتين من سنة 1999 إلى 2001 ثم من 2003 إلى 2005، وما بين الفترتين أي من 2001 إلى 2003 عين كمستشار اقتصادي لدى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة. * حينما سئل بن اشنهو إن كان مع اقتصاد ذي نزعة ليبرالية، أجاب أنه مع الاقتصاد الذي يفيد الجزائر، حيث يرى أن بناء الاقتصاد يكون حسب المناطق وحسب الأولويات سواء صناعات ثقيلة أو خفيفة، وأن كل ولاية عليها أن تحقق ميزانية خاصة بها دون انتظار الحصص المالية من فوق من العاصمة، مما يجعل الانصياع للأوامر هو الآخر من فوق. *
* الجزائر بحاجة لإجماع وطني لمواجهة كافة التحديات * حرص وزير المالية الأسبق على أهمية تنويع الاقتصاد عن طريق الاستثمار، معتبرا أن الحفاظ على أمن أي بلد يقتضي ثلاثة عوامل رئيسية، يتقدمها القوة الاقتصادية وتليها صلابة ومتانة العلاقة بين الشعب والسلطة، مشيرا إلى حاجة الجزائر لإحداث إجماع وطني قوي لمواجهة كافة التحديات (جبهة العمود الداخلية)، ويعتبر السلاح الفعال ثالث عامل لضمان أمن أي بلد، وهذه النقاط أدرجها بن أشنهو ردا منه على أحقية البلدان الناشئة في التسابق نحو عمليات التسلح، مؤكدا أنه يجب اجتماع العوامل الثلاثة للحفاظ على الأمن والاستقرار للمجتمع وأن لا يجب إفراد عامل عن بقية العوامل أو تقديم عامل عن آخر بما فيها السباق نحو التسلح. * كما اشترط المتحدث تطور الأنظمة السياسية وتطور الأفكار وفقا للتطور الحاصل على مستوى المجتمع الجزائري، مضيفا "نحتاج إلى طموح للنهوض".