ما تزال المواقف الدولية متضاربة بشأن طريقة إنهاء الأزمة السورية، بعد ظهور مؤشرات تُرجح فشل مفاوضات جنيف، بسبب رفض طرفي النزاع تقديم تنازلات للوصول إلى أرضية توافق تكون الانطلاقة الفعلية للحل السياسي، ويبدو أن التقارير الواردة من الدول المعنية بملف الأزمة السورية تشير إلى عودة الحديث عن الحل العسكري، لكن هذه المرة ليس عن طريق التدخل الخارجي وإنما قلب موازين القوى من الداخل عبر معركة دمشق. عبرت موسكو عن موقفها الرافض لعزم السعودية تزويد المعارضة السورية بالعتاد العسكري الثقيل، من قبيل الصواريخ المضادة للطيران وفق ما نشرته تقارير إعلامية. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية أن موسكو “تشعر بقلق بالغ من عزم السعودية شراء صواريخ أرض جو تحمل على الكتف وأنظمة صواريخ مضادة للدبابات باكستانية لتسليح المعارضة السورية”، كما حذر البيان من وقوع هذه الأسلحة في أيدي الجماعات المتطرفة، في تأكيد على أن حل الأزمة لن يكون إلا سياسيا. في المقابل دعت الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى التفكير الجدي في صياغة وثيقة تهدف إلى مكافحة الإرهاب ومموليه في سوريا. وفي سياق متصل، جدد رئيس مكتب الأمن ومكافحة الإرهاب في بريطانيا، تشارلز فار، مخاوف العديد من العواصم الغربية من احتمالات ارتداد تسليح الجماعات المعارضة على الغرب، مشيرا في حوار أدلى به أمس لصحيفة “إيفننغ ستاندارد” إلى أن انتشار الأسلحة في سوريا بات يُشكل أكبر تهديد يواجهه الأمن القومي البريطاني، كما ذكر أن المعلومات الاستخباراتية المتوفرة تشير إلى أن سوريا باتت أكبر تجمع للجهاديين يقارب أو يفوق عددهم ما كان عليه في أفغانستان خلال حرب 1989، ملمحا إلى إمكانية إعادة تنشيط الشبكات الإرهابية الدولية عبر العالم. تأتي تصريحات المسؤول البريطاني بالموازاة مع ما نقلته وكالة “رويترز” على لسان مسؤول أمريكي وصفته بالرفيع دون تحديد هويته، قال إن خلافات نشبت بين وزارة الدفاع الأمريكية وإدارة البيت الأبيض بخصوص قضية تسليح المعارضة المسلحة، وإن كان الطرفان متفقين على خطورة تزويد المعارضة بالعتاد الثقيل خشية وقوعها في أيدي المتطرفين، ففي الوقت الذي يرفض البنتاغون فكرة إقامة منطقة حظر جوي مخافة استغلال المتطرفين الظرف لتحقيق المزيد من الانتشار، أكد المصدر أن إدارة أوباما طلبت من قوى إقليمية تقديم ضمانات قوية تؤكد عدم وقوع السلاح الثقيل في أيدي المتطرفين، ومن هنا بدأ الدور السعودي يظهر في محاولة لإعادة ترتيب بيت المعارضة بشقيها المسلح والسياسي تحسبا لما يرى المراقبون أنه تحضير لمعركة دمشق المرتقبة مع مطلع فصل الربيع القادم. ويرى المراقبون أن الخطة تهدف إلى محاصرة دمشق وعزلها عن بقية المحافظات بما يسمح قطع الطريق على الإمدادات للنظام، وإشعاره بالتهديد، خاصة وأن الأسد صرح أول أمس أمام قيادات حزب البعث أن صمود دمشق وراء صمود سوريا. في الأثناء، دعت نافي بيلاي، المفوضة السامية لحقوق الإنسان، إلى إحالة الملف السوري على المحكمة الجنائية الدولية بعد ثبوت تورط كل من النظام السوري والمعارضة المسلحة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات فاضحة لحقوق الإنسان، مطالبة بوقف تزويد طرفي النزاع بالسلاح، وكان المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس أكد أن سوريا تحولت من دولة مستقبلة للاجئين قبل خمس سنوات إلى أكبر دولة تُجبر مواطنيها على اللجوء لدول الجوار. أمنيا ذكرت تقرير لوكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” أن الجيش النظامي قضى بالقرب من دمشق على 175 مسلح من جنسيات قطرية وسعودية وشيشانية، من جهته ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن 3300 مسلح قتل منذ بدء المعارك في سوريا بين الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) ومقاتلين من كتائب أخرى معارضة للنظام في مناطق عدة من سوريا.