كلف الوزير الأول عبد المالك سلال، في مراسلتين رسميتين، وزارتي المالية والصناعة، بإجراء تقييم شامل لنشاط وكلاء السيارات، قصد التحري عن احتمال وجود ممارسات غير قانونية في إعداد ميزانياتهم المالية، وكذا إعادة النظر في المرسوم التنفيذي المنظم للقطاع الصادر في سنة 2007، وذلك استنادا على نتائج دراسة أجرتها وزارة التجارة، كانت "الخبر" قد نشرت نتائجها في عدد سابق. ذكر سلال في مراسلة رسمية، تحمل الرقم 1290، موجهة إلى وزير المالية كريم جودي، أن وزارة التجارة أُنجزت “دراسة على أساس المعطيات الجمركية والمعلومات الواردة في السجل التجاري للشركات المودعة”، داعيا إلى استغلال نتائجها في إجراء تقييم شامل لأصحاب هذا النشاط. ولفتت مراسلة الوزارة الأولى التي اطلعت “الخبر” على نسخة منها، وزارة المالية إلى أن شركات وكلاء السيارات لم تعدل رأسمالها الاجتماعي منذ 10 سنوات، وذلك حسبما تظهره بياناتهم المقيدة لدى المركز الوطني للسجل التجاري. ومعروف أن الرأسمال الاجتماعي يعبر عن المسؤولية المدنية التي تتحمّلها المؤسسة تجاه زبائنها. سلال ينبه إلى أن أرباح الوكلاء الأجانب لا تتناسب مع رقم أعمالهم واسترعت المراسلة انتباه وزارة المالية إلى عدد من نقاط الظل التي تميز نشاط وكلاء السيارات وتعاملاتهم في الجزائر، تتعلق في مجملها بالميزانيات المالية السنوية لهذه الشركات، التي تحوم حولها شكوك بالنظر إلى النتائج السنوية غير المتطابقة مع أرقام الأعمال المفصح عنها. كما أبرزت المراسلة أن تقييم نتائج الفروع الأجنبية لوكلاء السيارات، يظهر أن أرباحها ضعيفة جدا بالمقارنة مع رقم أعمالها. وحسب الدراسة، تمتلك المؤسسات ذات المساهمين الجزائريين حصة سوقية ب31 في المائة فقط، ومع ذلك تساهم في الاقتصاد الوطني بقيمة مضافة تقدر ب29 مليار دينار، وهي تعادل القيمة المضافة للمؤسسات الأجنبية التي تمتلك 69 في المائة من الحصة السوقية، ناهيك عن أن المؤسسات الجزائرية تستورد نصف الغلاف المالي المخصص للشركات الأجنبية. وأشارت المراسلة إلى أنه بالرغم من رقم أعمال نشاط وكلاء السيارات الهام، إلا أن مساهمتها في خزينة الدولة تبقى جد ضعيفة. وبالرجوع إلى الدراسة، سجل وكلاء السيارات خلال العشر سنوات الماضية نموا كبيرا، حيث انتقل رقم الأعمال الكلي من 76 مليار دينار في 2003 إلى 700 مليار دينار في 2012، بارتفاع قدره 812 في المائة. في حين تراجعت النتيجة الصافية (ربح أو خسارة) إلى 4 في المائة سنة 2012، بينما سجلت 9 في المائة في 2008. ورغم حجم تحويلات العملة الصعبة الهامة لأغراض الاستيراد التي يقوم بها وكلاء السيارات البالغ عددهم 29 مؤسسة، إلا أن النتائج الضعيفة المسجلة التي يسجلها هذا القطاع، تبين بوضوح تواضع مساهمته في الجباية المحصلة من الدولة، فيما يتعلق بالضرائب المباشرة، خارج حقوق الجمركة والضريبة على القيمة المضافة التي يتحمّلها الزبون. الوزير الأول يطالب بمراجعة مرسوم 2007 المنظم لنشاط وكلاء السيارات وفي مراسلة أخرى موجهة إلى وزارة الصناعة، أمر الوزير الأول باستغلال نتائج دراسة وزارة التجارة في إطار تعديل مرسوم 2007 المنظم لنشاط وكلاء السيارات، الذي كان منتظرا أن يصدر في السنة الفارطة، وتأجل إلى السنة الحالية، وذلك بعد الثغرات الكثيرة التي اكتشفت فيه بعد دخوله حيز التنفيذ. ودعا سلال في نص المراسلة، إلى التكفل بالتوصيات التي تمخضت عن دراسة وزارة التجارة، خاصة فيما يتعلق بإعادة النظر في تعريف مصدر السيارات في الخارج الذي يبيع للوكيل الناشط في الجزائر. وكانت هذه النقطة قد طرحت الكثير من الإشكالات حول طبيعة الجهة التي تورد السيارات للجزائر، ويرجح في التعديل القادم أن يقتصر تعريف مصدر السيارات على المؤسسة الأم فقط، أو من توكله لتمثيلها. وأتاحت هذه الثغرة للعديد من الوكلاء إقامة شركات في الخارج، يتم من خلالها استيراد السيارات بالثمن الذي يريدون، تجنبا لاستيراد السيارات من الشركة الأم، مستغلين المرسوم التنفيذي لسنة 2007 الخاص بنشاط الوكلاء، الذي لا يجبر وكلاء السيارات على استيراد السيارات من المصنع، علما بأن سوق السيارات في الجزائر يعد الأهم في القارة مع جنوب إفريقيا، بمعدل 450 إلى 500 ألف سيارة سنويا وبحظيرة تقدر بأكثر من 7 ملايين مركبة.