من حق أي جزائري أن يدعم خيار العهدة الرابعة، حتى لو كان الرئيس مريضا، لكن ليس من حق هذا الجزائري أن يسلب حق جزائري آخر يعارض هذا الترشح لأن الرئيس مريض. هي أبسط قواعد التعددية وقيم الديمقراطية وأخلاق الفرسان التي غابت عن قاموس الممارسة السياسية لموالين أخذتهم العزة بالقوة والسطوة والهيلمان، قوة الإدارة وسطوة الشرطة وهيلمان الجيش، فوقعوا في الخطيئة نفسها التي يسعون إلى إلصاقها بخصومهم.. خطيئة ”تهييج” الجزائريين وتهديد أمنهم واستقرارهم ووحدتهم. فالحاصل اليوم أن المسبحين بحمد ”الرابعة” والمتعبدين في محرابها يصلون الليل بالنهار في اتهام كل من تسول له نفسه أن يعارض، بالقول أو الفعل أو حتى بالهمس والمناجاة، ترشح الرئيس لعهدة جديدة، بالخيانة وبالعمالة للخارج وبتهديد استقرار البلاد وأمن العباد، والغريب أن هؤلاء ولحد الساعة لم يخرجوا إلى الشارع إلا في وقفات رمزية لا تخريب فيها ولا ترويع ولا سلاح، إلا سلاح الكلمة.. أم أن الكلمة في بلادي صارت إلى هذا الحد مرادفا للكلاشنيكوف والمولوتوف والسيمينوف؟ أي تعددية هذه التي تسمح لمن يحتكر أدوات القمع بأن يقسم البلاد إلى فسطاطين، فسطاط الحق ويضم المساندين الوطنيين والمضحين والأوفياء لبيان أول نوفمبر ودماء الشهداء، وفسطاط الباطل ويضم المعارضين الخونة والعملاء. كيف تحول ببلادي الحق في التعبير الذي يكفله الدستور كما تكفله كل القوانين والنواميس والأعراف إلى جريمة لا تغتفر وكبيرة لا عفو بعدها، وإلى سلوك مشين يعرض أصحابه ”السفهاء” إلى الاستهزاء و«التمسخير”.. كأن يقال لهم اخرجوا من صالوناتكم الوهمية وانزلوا من أبراجكم العاجية التي شيدتموها على مواقع التواصل الاجتماعي ”ليضربكم الهواء” في جزائركم العميقة وبين مواطنيكم الزوالية، وعندما ينزلون إلى الشارع يضربون ويشتمون ويعتقلون؟ الخوف كل الخوف على الجزائر من هؤلاء المتملقين والمتسلقين الذين شوهوا وجه السياسة فيها ويهددونها هم بعنجهيتهم وردود فعلهم الرعناء واستكبارهم واحتقارهم لمخالفيهم إلى أن تصاب، لا قدر الله، في أمنها واستقرارها ووحدتها.. وبذلك قد لا يصبح المشكل في العهدة الرابعة نفسها ولكن في سلوك الداعين إليها والمدافعين عنها. [email protected]