من المنتظر أن يقدم رئيس الوزراء الفرنسي الجديد، إيمانويل فالس، طاقم حكومته اليوم، للرئيس فرانسوا هولاند من أجل الموافقة عليها واعتمادها، بحسب ما أعلنت عنه الصحافة الفرنسية، التي أكدت نقلا عن مقربين من فالس أن أول اجتماع لمجلس الوزراء سيكون غدا الخميس، في إشارة إلى أن رئيس الوزراء الجديد عازم على مباشرة المهام الموكلة إليه والقاضية بإحداث التغيير الذي عبّر عنه الفرنسيون من خلال رفضهم لحصيلة أول سنتين من سياسة حكومة الحزب الاشتراكي الحاكم. في انتظار الكشف عن الطاقم الذي يعوّل عليه فالس لإعادة ترجيح الكفة لصالح الحزب الحاكم على إثر الانتكاسة الكبيرة التي لحقت بالحزب الاشتراكي في الانتخابات المحلية، تباينت مواقف الطبقة السياسية حول قرار الرئيس فرانسوا هواند بتحميل رئيس الوزراء السابق، جون مارك أيرولت، مسؤولية الهزيمة الانتخابية وقرار تعيين فالس بدلا عنه، إذ اعتبر حزب ”الاتحاد من أجل حركة شعبية” تغيير رئيس الوزراء لا يرقى لمستوى التغييرات التي يطالب بها الفرنسيون، مثلما ذهب إليه رئيس حزب اتحاد من أجل حركة شعبية، جون فرانسوا كوبيه، أن المطلوب من الطاقم الحاكم تغيير سياسته بدلا من تغيير الأشخاص، فيما اعتبرت زعيمة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبان، أن تعيين إيمانويل فالس على رأس الجهاز التنفيذي دليل على المأزق الذي يتخبط فيه رئيس الجمهورية الفرنسية. كما اتهمت مارين لوبان، التي تحول حزبها إلى ثالث قوة سياسية في فرنسا على إثر النتائج المحققة في المحليات بأن ”فالس شخص خطير ولا يكنّ أدنى احترام للحريات الفردية ولا يأبه بمطالب الفرنسيين”. المثير أن الجدل بخصوص شخصية رئيس الوزراء لم تقتصر على الخصوم السياسيين للحزب الاشتراكي بل انتقلت إلى الحزب الحاكم وكذا حلفائه من أحزاب اليسار، على غرار قائمة أحزاب الخضر، التي كانت مشاركة في الحكومة المستقيلة بحقيبتين وزاريتين، باعتبار أن وزيرة التنمية، سيسيل دوفلو أكدت رفضها الانضمام لحكومة فالس الجديدة، إشارة صريحة لرفض الخضر لاختيارات إيمانويل فالس السياسية، فيما طالب زميلها في قائمة الخضر، وزير السكن السابق، باسكال كونفان أن الخضر لن يشاركوا ”على الأرجح في الحكومة الجديدة ومع ذلك سننظر في التوجهات العامة لسياسة رئيس الوزراء الجديد”. من جانبهم، علق المراقبون السياسيون على اختيار إيمانويل فالس على أنه استسلام الرئيس هولاند لموجة اليمين، في إشارة منهم إلى أن فالس محسوب على التيار اليميني داخل الحزب اليساري الاشتراكي، فيما ذهبت بعض التخمينات للتأكيد على أن فالس سيعتمد على الشخصيات القريبة من تصوره السياسي العام، باعتبار أن فالس من المدافعين عن بعث الاقتصاد الفرنسي من خلال دعم المستثمرين والسماح لهم بخلق أجواء تنافسية، بعبارة أخرى الحفاظ على خطة هولاند الاقتصادية القاضية بتقديم تسهيلات لأرباب العمل مقابل تعهد بخلق مناصب شغل، على الرغم من امتعاض النقابات العمالية من هذا المخطط الذي يرون فيه إجحافا في حق الطبقة العمالية. ومن الأسماء التي رجحت الصحافة الفرنسية دخولها الحكومة الجديدة، القيادية بالحزب الاشتراكي والرفيقة السابقة للرئيس هولاند، سيغولان رويال، والتي سبق لها الترشح لمنصب الرئاسة، فيما ينتظر الحفاظ بأسماء محسوبة على التيار اليميني داخل الحزب الاشتراكي على غرار وزير الخارجية، لوران فابيوس. وفي سياق منفصل، حذرت بعض الصحف الفرنسية من إمكانية نشوب نزاعات بين رئيس الجمهورية، فرنسوا هولاند ورئيس حكومته، إيمانويل فالس باعتبار أن هذا الأخير له شخصية قيادية متميزة وسبق له أن عبّر عن طموحه في الجلوس على كرسي الرئاسة، ما يجعله يستغل فرصة رئاسته للحكومة لتحقيق هذا الهدف، ما من شأنه خلق منافسة مباشرة مع الرئيس بدلا من التعاون على تجاوز الأزمة.