انتزع المرشح الاشتراكي، فرانسوا هولاند، كرسي الرئاسة من غريمه الرئيس المنتهية ولايته نيكولا ساركوزي، بعد أن تفوق عليه في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية التي جرت أمس، حيث حصل الرئيس الفرنسي الجديد على 8, 51 بالمئة من الأصوات المعبر عنها، وهي تقريبا نفس نتائج آخر سبر للآراء الذي توقع فوزه ب52 بالمئة، في حين بلغت حصة المرشح الخاسر 2, 48 بالمئة. بينما بلغت نسبة المشاركة 5, 81 بالمائة. أعاد فرانسوا هولاند الاشتراكيين إلى الرئاسة بعد 17 سنة من الغياب، ودفع الآلاف من أنصار اليسار للخروج إلى الشوارع للاحتفال بهذا النصر التاريخي الذي أنهى حكم اليمين طيلة هذه السنوات. فمنذ صعود شيراك إلى السلطة في 1995 لم يطأ قدم أي مرشح اشتراكي قصر الإليزيه كرئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة، التي ولدت في 1958 مع صعود ديغول إلى السلطة، إذ لم يحكم الاشتراكيون فرنسا سوى 15 سنة في عهد فرانسوا ميتران الذي فاز بعهدتين (1981/1988) و(1988/1993). هولاند: ''لم أنم طويلا'' وأدلى فرانسوا هولاند بصوته، صباح أمس، في الدور الثاني من الاقتراع في معقله في تول بوسط فرنسا، وكانت صديقته الصحفية فاليري تريرفايلر برفقته في مكتب ماري لوران للاقتراع، وهو قاعة صغيرة تنظم فيها الاحتفالات، حيث صافح وعانق العديد من الأشخاص. وردا على سؤال حول معنوياته بعد التصويت، قال: ''كأي شخص يصوت، آمل في أن يكون عدد الناخبين كبيرا''. وعندما سئل عما إذا كانت ليلته هادئة، أجاب: ''نعم، لكني لم أنم طويلا''. وأضاف: ''سيكون اليوم طويلا لكني لا أعلم هل سيكون اليوم جميلا، سيقرر الفرنسيون ذلك، سيكون اليوم جميلا للبعض وليس للبعض الآخر''. من جانبه، أدلى الرئيس المنتهية ولايته، نيكولا ساركوزي، وكانت ترافقه زوجته كارلا بروني، بصوته، ظهر أمس، في الدائرة ال16 في باريس، في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وكان مئات الأشخاص في استقبال ساركوزي أمام مكتب الاقتراع في مدرسة ''جان دولافونتين'' وهتف العديد منهم ''نريد نيكولا رئيسا''. وأخذ كل من ساركوزي وزوجته بطاقة واحدة، ثم أدلى كل منهما بصوته. وبعد الاقتراع عادت كارلا بروني أدراجها لأنها نسيت بطاقة الهوية في الداخل، وعند خروجه من مكتب الاقتراع شق ساركوزي طريقه عبر الحشود مصافحا الناس. حملة انتخابية حبست أنفاس الفرنسيين وشهدت الانتخابات الرئاسية الفرنسية سجالات سياسية حادة وشرسة بين أحزاب اليمين وأحزاب اليسار، وبالأخص بين المرشحين الرئيسيين هولاند وساركوزي. وكان المهاجرون والإسلام وقود هذه الحملة خاصة بالنسبة لليمين المتطرف واليمين الحاكم بقيادة ساركوزي. وما زاد في لهيب الحملة الانتخابية الهجوم على المهاجرين بعد حادثة ''قتل'' محمد مراح جنودا فرنسيين من أصل مغاربي وأطفالا يهود ومعلمهم، وهو ما دفع اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبان إلى رفع درجة حملتها العدائية ضد المهاجرين، ما جعلها تحقق مفاجأة لم تتوقعها جميع نتائج سبر الآراء التي لم تمنحها أكثر من 14 بالمئة من نوايا التصويت، إلا أنها حققت 9,17 من الأصوات المعبر عنها، كما أن ساركوزي لم يفوت حادثة مراح ليرفع من أسهمه في سباق الرئاسيات، حيث تفوق حينها، لأول مرة، على منافسه الاشتراكي فرانسوا هولاند في نتائج سبر الآراء، لكن هذا لم يدم طويلا، حيث عاد هولاند ليتصدر نتائج نوايا التصويت مع اقتراب موعد الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 22 أفريل، والتي تفوّق فيها هولاند بنسبة 63, 28 بالمئة مقابل 18, 27 بالمئة لساركوزي، أي بفارق 45, 1 نقطة مئوية فقط. غير أن الضربة الموجعة التي تلقاها ساركوزي جاءت من حلفائه اليمينيين، ففرانسوا بايرو، مرشح يمين الوسط، أعلن دعمه للمرشح الاشتراكي بدلا من ساركوزي، وحتى مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان، وإن لم تساند هولاند، إلا أنها لم تصطف إلى جانب مرشح اليمين ساركوزي، في حين بقي مرشحو معسكر اليسار متماسكين وملتفين حول هولاند وحلم عودة اليسار إلى الحكم يراودهم.