بيان الخارجية يعلن وفاة القنصل بمرض مزمن ويصفه بالمُغتال! بفرحة لم تكتمل، انتهت أزمة الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين في مالي منذ أكثر من عامين، بعد أن أوردت السلطات الرسمية، أمس، نبأ الإفراج عن الرهينتين، مراد ڤساس وقدور ميلودي، مع الاحترام التام لمبدأ "عدم دفع الفدية"، فيما أُعلنت وفقا لمصادر متطابقة وفاة القنصل بوعلام سايس، وأكدت رسميا مقتل الدبلوماسي الطاهر تواتي. كشفت وزارة الخارجية أمس، في بيان لها، عن اكتمال عملية “الإفراج عن الرهينتين الجزائريتين الأخيرتين اللتين تم اختطافهما في 6 أبريل 2012 بغاو (شمال مالي). وأوضح ذات المصدر أن الأمر “يتعلق بالإفراج عن السيدين مراد ڤساس وقدور ميلودي الذي يأتي بعد الإفراج عن الرهائن الثلاثة الذي تم بعد بضعة أيام من اختطافهم”. وأضاف بيان وزارة الخارجية، استنادا “لمعلومات متطابقة تحصلت عليها الحكومة الجزائرية” بأن القنصل السيد بوعلام سايس الذي يعد من بين الدبلوماسيين المختطفين قد توفي إثر مرض مزمن. كما أكد ذات المصدر مقتل الدبلوماسي طاهر تواتي “الشنيع”. وكانت “حركة التوحيد والجهاد” التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد أعلنت في أول سبتمبر 2012، إعدام الدبلوماسي الجزائري طاهر تواتي، بعد انتهاء مهلة منحتها للجزائر كي تبادله بأحد قادتها واثنين من أعضائها، لكن السلطات الجزائرية لم تؤكد أو تنفي مقتله منذ ذلك التاريخ. وإثر تأكد نبأ موت القنصل والدبلوماسي، ورد في بيان الخارجية نعي لعائلتهما. “في هذه الظروف الأليمة، تجدد الحكومة الجزائرية تعازيها الصادقة لعائلتي الدبلوماسيين “المغتالين” وتؤكد لهما دعمها الكامل، كما تنحني أمام روحي شهيدي الواجب وتشيد بتفانيهما في أداء واجبهما في خدمة الأمة”. ويحمل البيان تناقضا في المعلومات الواردة بخصوص القنصل بوعلام سايس، فبينما يؤكد وفاته بمرض مزمن، وصفه في النعي الموجه لعائلته بالمغتال؟ وأبرزت وزارة الشؤون الخارجية أنه “طوال فترة الاحتجاز لم تدخر السلطات الجزائرية المختصة جهدا للحصول على إطلاق سراح دبلوماسيينا دون قيد أو شرط”، موضحا أن هذا الإفراج جاء “احتراما للموقف العقائدي لبلادنا والتزاماتها الدولية برفض دفع الفدية”. ومعروف أن الجزائر تقود مساعي دولية على أعلى مستوى لإصدار قانون يجرّم دفع الفدية في مجلس الأمن الدولي. وخلص نفس المصدر إلى أن الحكومة الجزائرية “تشكر كل الإرادات الحسنة التي سمحت بالتوصل إلى الإفراج عن الرهائن”، وتؤكد “ضرورة مواصلة دون هوادة مكافحة الإرهاب ومختلف تفرعاته المتمثلة في تهريب المخدرات والجريمة المنظمة في منطقة الساحل وعبر كامل المناطق الأخرى في القارة والعالم وتجدد نداءها إلى تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الظواهر”. ويقصد البيان بالإرادات الحسنة، مساعي القبائل العربية الأزوادية التي تجمعها علاقات جيدة بالجزائر في الوساطة مع مختطفي الرهائن. سنتان من الانتظار ويأتي هذا الإعلان ليطوي نهائيا ملف الأسرى الجزائريين في مالي الذي شغل الرأي العام الوطني على مدار سنتين. وكانت حركة التوحيد والجهاد التي يتزعمها الإرهابي مختار بلمختار، قد خطفت في الخامس من أفريل 2012 سبعة دبلوماسيين جزائريين من القنصلية الجزائرية في مدينة غاو شمالي مالي، ثم أفرجت عن ثلاثة منهم في 15 جويلية 2012 وأعدمت في أوت من نفس السنة الدبلوماسي طاهر تواتي بعد رفض السلطات الجزائرية الاستجابة لمطالب بالإفراج عن القيادي في القاعدة أبو إسحاق السوفي الذي اعتقل في وقت سابق جنوبي الجزائر برفقة مساعديه. وفي 3 جانفي 2013، ظهر ثلاثة من الدبلوماسيين المختطفين، عبر شريط مصور (فيديو) بث على شبكة الأنترنت، وهم يناشدون الرئيس بوتفليقة التدخل للإفراج عنهم. وظهر في الشريط المصور القنصل الجزائري العام في مدينة غاو بوعلام سايس وتحدث بشكل غير مسموع ولم يكن صوته واضحا وبدا في حالة صحية غير جيدة. وفي تسجيل ثان بتاريخ 12 أفريل 2014، بثه موقع وكالة أنباء نواقشط الموريتانية، ناشد الدبلوماسيون المختطفون الحكومة الجزائرية “بذل مزيد من المجهودات لإطلاق سراحهم”. وطالب الرهائن السلطات الجزائرية ب”العمل بكل جدية من أجل تحريرهم من قبضة الخاطفين”. ويعتبر هذا الإفراج نصرا منقوصا للدبلوماسية الجزائرية (خسرت اثنين من أصل سبعة مختطفين) التي ظلت وفية لمبادئها بعدم دفع الفدية للرهائن، خاصة في ظل التقارير الدولية التي تحدثت عن حصول تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من الحكومات الأوروبية على فديات بنحو 90 مليون دولار منذ سنة 2008.