قام الوزير الأول عبد المالك سلال، ظهيرة أمس، بزيارة الرهينتين الجزائريتين الأخيرتين المتواجدتين بالمستشفى العسكري محمد صغير نقاش بعين النعجة (الجزائر العاصمة) اللتين تم تحريرهما أمس. وكان السيد سلال مرفوقا بوزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة، و الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل. وأشار السيد سلال، خلال لقائه مع الرهينتين مراد قساس وقدور ميلودي، إلى أن السلطات الجزائرية وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة "بذلت كل ما بوسعها من أجل تحرير الرهائن" متأسفا لوفاة اثنين من بين الرهائن. وتقدم السيد سلال، بتعازيه الصادقة لعائلتي الدبلوماسيين المتوفيين القنصل بوعلام سايس، الذي توفي إثر مرض مزمن وطاهر تواتي، الذي تم اغتياله. مراد قساس، الذي كان يبدو جد متأثر إثر تحريره، أكد أمام الوزير الأول، أنه "لم يفقد الأمل قط"، وأنه كان مقتنعا بأن الدولة الجزائرية "لا تتخلى أبدا عن أبنائها". وأبت زوجته التي جاءت لملاقاته بعد غياب دام أكثر من عامين إلا أن تتقدم ببالغ شكرها للسلطات الجزائرية، وعلى رأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، على العمل الذي تم القيام به والذي سمح بتحرير الرهينتين. ومن جهته أعرب قدور ميلودي، عن شكره لكل من ساهم في تحريرهما بعد أوقات عصيبة مرا بها خلال فترة احتجازهما. وكان قد تم أمس الإفراج، عن الرهينتين الجزائريتين الأخيرتين اللتين تم اختطافهما في 6 أفريل 2012 بغاو (شمال مالي)، حيث يتعلق الأمر بالسيدين مراد قساس وقدور ميلودي، وتأتي هذه العملية "بعد الإفراج في وقت سابق عن الرهائن الثلاثة بعد بضعة أيام من اختطافهم بعد جهود مكثفة ودؤوبة من قبل مؤسسات الدولة في سرية تامة، و تحت الإشراف المباشر لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة". وحسب بيان لوزارة الخارجية، فإنه استنادا لمعلومات متطابقة تحصلت عليها الحكومة الجزائرية فإن القنصل السيد بوعلام سايس، الذي يعد من بين الدبلوماسيين المختطفين قد توفي إثر مرض مزمن، في حين أكد المقتل الشنيع للدبلوماسي طاهر تواتي. وأضاف المصدر "في هذه الظروف الأليمة تجدد الحكومة الجزائرية تعازيها الصادقة لعائلتي الدبلوماسيين المغتالين وتؤكد لهما دعمها الكامل. كما تنحني أمام روحي شهيدي الواجب و تشيد بتفانيهما في أداء واجبهما في خدمة الأمة". وأشار بيان وزارة الشؤون الخارجية، إلى أن الحكومة تذكر أنه "طوال فترة الاحتجاز لم تدّخر السلطات الجزائرية المختصة جهدا للحصول على إطلاق سراح دبلوماسيينا دون قيد أو شرط"، موضحا أن هذا الإفراج جاء "احتراما للموقف العقائدي لبلادنا والتزاماتها الدولية برفض دفع الفدية". وخلص المصدر إلى أن الحكومة الجزائرية "تشكر كل الإرادات الحسنة التي سمحت بالتوصل إلى الإفراج عن الرهائن"، وتؤكد "ضرورة مواصلة دون هوادة مكافحة الإرهاب ومختلف تفرعاته، المتمثلة في تهريب المخدرات و الجريمة المنظمة في منطقة الساحل، و عبر كامل المناطق الأخرى في القارة و العالم، وتجدد نداءها إلى تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الظواهر". وتأتي عملية الإفراج عن آخر الرهائن مع استئناف المفاوضات بين الأطراف المالية غدا الاثنين بالجزائر، بحضور الشركاء الدوليين من أجل إيجاد حل نهائي للأزمة التي تعصف بهذا البلد، حيث التزمت الجزائر بطلب من الرئيس المالي بوبكر إبراهيم كيتا، بمواصلة المساعي من أجل لم شمل الفرقاء. وكانت وزارة الخارجية الجزائرية، قد أكدت في بيان لها اختطاف القنصل الجزائري في غاو شمال شرق مالي، وستة أعضاء في القنصلية بعد أن هاجمت مجموعة مسلحة القنصلية، حيث اقتيد القنصل وستة من عناصر القنصلية الجزائرية إلى جهة مجهولة. وقد تبنّت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا عملية خطف الدبلوماسيين الجزائريين من مقر القنصلية الجزائرية، بعد سقوط المدينة في أيدي الانفصاليين الأزواد والجماعات الجهادية. وطالبت الحركة في وقت سابق بفدية مقدارها 15 مليون أورو للإفراج عن قنصل الجزائر وستة من مساعديه بعد اختطافهم، لكن الجزائر رفضت ذلك بحكم أنها تعتبر دفع الفدية شكل من أشكال تمويل الإرهاب، مما أدى إلى تعليق المفاوضات بخصوص إطلاق سراح الرهائن. وأمام هذا الوضع أكدت الحركة في وقت سابق لوكالة فرانس برس أن "حياة الرهائن (الجزائريين) في خطر" بعد رفض البعثة الجزائرية مطالبها بالكامل. وبعد ذلك أعلنت حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا الإفراج عن ثلاثة من الرهائن الجزائريين السبعة الذين اختطفتهم من القنصلية الجزائرية، غير أنها لم تقدم توضيحات حول مكان تواجد الديبلوماسيين ولا هوياتهم، كما لم تذكر أي تفاصيل أخرى بشأن الإفراج عن الثلاثة. وكان وزير الشؤون الخارجية، السيد رمطان لعمامرة، قد أكد في عدة مناسبات أن الدولة لا تدّخر أي جهد و هي التي تجند جميع الوسائل الممكنة لتمكين عودة أعضاء القنصلية الجزائرية المختطفين منذ سنتين بغاو (مالي) سالمين. وذكر السيد لعمامرة في لقائه مع عائلات الرهائن بمقر دائرته الوزارية، أن هذه المسألة شكلت خلال السنتين الأخيرتين انشغالا دائما لأعلى السلطات في الدولة التي تتابع عن كثب تطور الجهود المبذولة من أجل تحرير موظفي الدولة الذين تم استهدافهم خلال أدائهم واجبهم المهني. من جهتها، عبّرت عائلات الضحايا للسيد لعمامرة عن "عرفانها للمواساة والتضامن اللذين أحيطت بهما منذ أول يوم واللذين لم ينقطعا، كما جددت ثقتها في مؤسسات الدولة التي تعمل على تحقيق أملها في العثور على ذويها". وكانت العديد من الدول قد أعلنت عن تضامنها مع الدبلوماسيين الجزائريين المختطفين، حيث أدان السفير الأمريكي لدى الجزائر عملية اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في مدينة "غاو" بمالي، مؤكدا دعم الولاياتالمتحدة للحكومة الجزائرية في جهودها لضمان عودة الدبلوماسيين المختطفين سالمين.