الحجّ فريضة من أعظم فرائض الإسلام الّتي علمت من الدِّين بالضّرورة، وركن من أركانه الخمسة، وهو دَينٌ على المستطيع من النّاس واجب الأداء لله تعالى واهب النِّعم، فمَن جحد به فقد كفر وارْتَدّ عن الإسلام، ومَن لم يحجّ وقد استطاع إليه سبيلًا ومات على هذه الحال مات ميتة جاهلية، قال جلّ ذِكرُه {إنَّ أوَّلَ بيْتٍ وُضِعَ للنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعالمين فيهِ آياتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إبْراهيم وَمَن دَخَلَهُ كان آمِنًا ولِله عَلى النّاس حَجُّ الْبَيْتِ مَن اسْتَطاعَ إليْهِ سَبيلًا ومَن كَفَرَ فإنّ اللهَ غنِيٌّ عنِ الْعَالمين} آل عمران:96–97. فطوبى لمَن استطاع إليه سبيلًا فأدّى مناسكه بإخلاص النيّة وتزوّد بالتّقوى والزّاد الحلال.. فطوبى له لأنّه يرجع إلى أهله كيوم ولدته أمُّه ينعم في الدّنيا بسعادة النّفس وراحة الضّمير وفي الآخرة بالرِّضا والرِّضوان. قال جلّ وعزّ {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} البقرة:197. والحجّ رمز على استسلام المؤمن لله ورمز على ارتباط هذه الأمّة المحمّدية بأبيها سيّدنا إبراهيم عليه السّلام حيث تحي شعائره وتطوف بالبيت الّذي بناه، وهو رمز على وحدة الأمّة الإسلامية بصرف النّظر عن الأجناس والألوان والأوطان. فوحدة المسلمين نابعة عن عقيدتهم ودينهم وشريعتهم. وهو مدرسة يرتفع بها المسلم إلى آفاق أرقى وأعلى. يتعلّم بها على بذل الجهد مع الصّبر. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث أخرجه البخاري ”لكن أفضل الجهاد حجّ مبرور”. ويتعلّم بهذه المدرسة أن يعيش في عبادة دائمة وأن يكون لطيفًا بالمؤمنين جميعًا رحيمًا بهم، ويتعلّم بها كيف يكبح عواطفه ويلجم نزواته وكيف يتجشم الصّعاب وكيف ينفق في سبيل الله دون مقابل وكيف يعظّم ما عظّمه الله ويحقر ما حقره الله. ويتعلّم بها كيف يعادي مَن عادى الله وكيف يُوالي من والاه.