صدمت الجماهير المغربية الجزائريين، بالتشويش على وفاق سطيف، في مقابلته المصيرية التي جمعته، أول أمس، بممثل نيوزيلندا أوكلاندسيتي، في الدور ربع نهائي لمونديال الأندية، وبالمناسبة أمضى المغاربة على شهادة أخرى، تؤكد الحقد الدفين الكبير الذي تحمله المملكة ضد الجزائريين، وأيضا انسياق غالبية الشعب المغربي وراء مخططات السياسيين المغاربة المتطرفين، الذين اشتهروا بتحطيم كل الأرقام في عدد الفرص التي يضيعونها للتقرب من جيرانهم الجزائريين، في كل مرة، تبرز مؤشرات الانفراج في سماء علاقات الجزائر والمغرب، ويأتي التشويش على “النسر الأسود” وأيضا الشتائم التي وجهوها إلى رئيس البلاد، تزامنا مع الحملة الهجومية التي أطلقها المغاربة ضد الجزائر للإساءة إليها بسبب موقفها الداعم والثابت لحق الصحراويين في تقرير مصيرهم في إطار مبادئ تصفية الاستعمار تحت مظلة هيئة الأممالمتحدة، ولم يخف المغاربة أبدا انزعاجهم من الدور الذي تلعبه الجزائر في الدفاع عن حقوق الصحراويين في الأراضي التي يحتلها المغرب، مثلما لم يخفوا قلقهم من غلق الحدود البرية بين البلدين، ويدفعون في تجاه القول إن الجزائر تتحمل مسؤولية تكهرب الأجواء بمواصلتها غلق الحدود، في حين يتجاهل السياسيون في المملكة خطورة السموم التي يسوّقها المغاربة في الجزائر، مثلما لا يتحدثون عن أشكال التهريب الذي يلحق أضرارا بالاقتصاد الجزائري، فالمغاربة الذين تابعوا مقابلة الوفاق كانوا بدون شك ضحية تضليل، وما كانوا أن يظهروا موقفا عدائيا تجاه الوفاق لو لم يتلقوا تعليمات فوقية، في الملعب بالعاصمة (الرباط)، وهو الذي حظي بحضور أمني كبير، حيث هاجموا رئيس الجمهورية، وأطلقوا ضده عبارات مسيئة، وكأن بوتفليقة هو المسؤول عن الأزمة متعددة الأوجه التي يتخبط فيها المغرب، الذي يعيش أوقاتا حرجة رياضيا وسياسيا واقتصاديا، وكأن أيضا بوتفليقة هو الذي يخفي مفاتيح علاج القضية الصحراوية، التي يوجد ملفها على مستوى الهيئة الأممية، ولم يكن المغاربة بحاجة إلى الإساءة إلى بوتفليقة ومن ورائه كل الشعب الجزائري، في مقابلة كروية حضرها أجانب وتم نقل وقائعها على عدد كبير من شاشات القنوات الأجنبية، وكان يفترض أن تكون الجماهير المغربية أكثر تحضرا لتنال تقدير واحترام ليس فقط الجماهير الجزائرية، بل أيضا ممثلي الهيئات الدولية الكروية وممثلي وسائل الإعلام الأجنبية، فالجزائر لم تخسر شيئا بسبب عبارات الإهانة التي صدرت من الجماهير المغربية، بل بالعكس، أكدت أن المغرب هو الذي يتحمل مسؤولية المشاكل العالقة بين البلدين، وأثبتت أن المملكة بصدد خسارة مصداقيتها واحترامها إثر هذه الواقعة، وربما قدمت الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم خدمة للمغاربة بسحب منهم تنظيم كأس أمم إفريقيا 2015، لأنها جنبتهم الإحراج في التعامل مع الأفارقة، بسبب شعورهم بالخوف من حاملي فيروس إيبولا، وربما إمكانية تحويل المغاربة العرس القاري الكروي إلى منصة لإطلاق حملة دعم للحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لاحتواء مشكلة الصحراء الغربية.. وليست هي المرة الأولى التي يتلقى فيها الجزائريون الشتائم من الجماهير المغربية، حيث سبقتها عدة وقائع مماثلة، وإن كانت لم تحظ بتغطية إعلامية واسعة، خاصة في المنافسات التي احتضنها المغرب، وفي الأخير نقول للمغاربة إن أوكلاند سيتي لم يكن بحاجة إلى مساندة الجماهير المغربية للفوز على الوفاق، لأن ممثل نيوزيلندا كان الأفضل واستحق فوزه بامتياز، وتأهله إلى المربع الأخير لكأس العالم للأندية لم يسرقه، والروح الرياضية تفرض الاعتراف بالأقوى فوق الميدان، وكان يفترض أيضا على المغاربة نسيان أن وفاق سطيف هو ناد جزائري واعتباره ناديا عربيا خالصا في المقام الأول، وعلى أساسه، كان يجدر مساندته ليس حبا في عيون الجزائريين، بل لكون الوفاق كان السفير العربي الوحيد في هذه المنافسة العالمية، بعد إقصاء النادي المغربي تطوان.