تمكين الجزائريين المشمولين بقوائم الإرهاب الدولية من الطعن لدى القضاء الجزائري تتجه الجزائر إلى تشديد التدابير القانونية للوقاية من تمويل الإرهاب، في سياق طرح الحكومة مشروع تعديل القانون المتعلق بالوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ومكافحتهما الصادر في عام 2006. اتخذت الجزائر احتياطات قانونية تسمح لمنظمات أو أشخاص جزائريين تم وضعهم من قبل مجلس الأمن الدولي في القوائم السوداء للإرهاب وتمويله، بتقديم طعن لدى القضاء الجزائري ضد هذا التصنيف، وبما يتيح لهم رفع التجميد عن أموالهم، في حال اقتنع القضاء الجزائري بعدم صلتهم بالنشاط الإرهابي أو تمويله. وجاءت هذه الاحتياطات ضمن مشروع تعديل قانون الوقاية من تمويل الإرهاب، قدمه وزير العدل، الطيب لوح، أمام لجنة الشؤون القانونية والإدارية والحريات للبرلمان. ويمنح التعديل لوزير المالية صلاحية تجميد أموال المنظمات الجزائرية أو الرعايا الجزائريين المشمولين بقرارات مجلس الأمن، تنفيذا لالتزامات الجزائر الدولية، لكنه يمنح في الوقت نفسه للأطراف المعنية، تنظيمات أو أشخاصا، حق تقديم طعن أمام القضاء الإداري الجزائري، بما يسمح بتفادي التدخل في الشؤون الداخلية للجزائر. وقال وزير العدل، الطيب لوح، خلال تقديمه مشروع التعديل، إن هذا التعديل يوسع من اختصاص المحاكم الجزائرية لملاحقة المتهمين في قضايا تمويل الإرهاب، في حال تواجدهم في الخارج، وذلك في حالة كان الفعل الإرهابي يستهدف مصالح الجزائر في الخارج أو عندما تكون الضحية من جنسية جزائرية. كما يحدد التعديل الإجراءات القضائية والإدارية لتجميد أو حجز أموال تدخل في إطار التبييض أو تمويل الإرهاب، ويقترح التعديل إسناد سلطة اتخاذ هذا القرار إلى رئيس محكمة الجزائر، كجهة اختصاص مخولة باتخاذ إجراءات التجميد، مع إمكانية تخصيص جزء من الأموال المحجوزة لتلبية حاجات الشخص المعني أو أسرته أو الأشخاص الذين يعيلهم. إضافة إلى ذلك، حدد التعديل مفهوم جريمة تمويل الإرهاب، على أساس أن تمويل الإرهاب يعد “جريمة قائمة بقطع النظر عن ارتباط التمويل بفعل إرهابي معين سواء وجد مرتكب أو ممول الفعل الإرهابي بالجزائر أم خارجها”. وينطبق هذا المفهوم على كل تصنيف جزائري إزاء التنظيمات المسلحة، بهدف تجنب الخلط القائم بين التنظيمات الإرهابية التي تكافحها الجزائر، وبين حركات المقاومة التي تدعمها الجزائر. وفي سياق آخر، يتطرق تعديل قانون الوقاية من تمويل الإرهاب إلى زيادة الرقابة على المعاملات المالية المشبوهة، حيث تم دعم السند القانوني الذي يسمح لبنك الجزائر وخلية الاستعلام المالي بمراقبة العمليات المالية، وإلزام الخاضعين بالتبليغ عن محاولة إجراء العمليات المشبوهة، وبشكل استباقي يدرج مشروع التعديل مكاتب الصرف ضمن فئة الخاضعين الملزمين بالإبلاغ عن العمليات المشبوهة، رغم أن الحكومة لم ترخص حتى الآن لأي من مكاتب الصرف بالعمل. وتجتهد الحكومة الجزائرية، خلال السنوات الأخيرة، لتعديل القوانين الداخلية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتمويله وتبييض الأموال، للتطابق مع المواثيق والاتفاقيات الدولية ولوائح مجلس الأمن، خاصة منها اللائحتان 1267 و1373 المتعلقتان بتجميد الأموال والأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية الخاصة بالأشخاص الذين يرتكبون أو يحاولون ارتكاب أعمال إرهابية. وتزامن هذا مع طرح الجزائر لائحة تجرم دفع الفدية للمجموعات الإرهابية المسلحة، نظير إطلاق سراح رهائن، باعتبار الفدية، بحسب المبادرة الجزائرية، شكلا من أشكال تمويل الإرهاب، خاصة أن التحقيقات الأمنية التي أجرتها مصالح الأمن بشأن التفجيرات الانتحارية التي شهدتها العاصمة عام 2007، أثبتت أن تمويل هذه التفجيرات تم بجزء من أموال حصل عليها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من فدية دفعتها دول غربية لقاء تحرير 33 سائحا أجنبيا خطفهم التنظيم في الصحراء الجزائرية، في فيفري 2003.