سحبت إدارة وزير الاتصال حميد ڤرين، من الزميل حميد غمراسة الاعتماد كمراسل لصحيفة الشرق الأوسط الدولية، في خطوة أظهرت "سلوكا انتقاميا" حين اكتشاف أن إجراء الوزارة التي يفترض فيها أن تكون أول مدافع عن المهنة وأهلها، وكانت مبرراتها ادعاء الإساءة إلى رئيس الجمهورية على قناة أجنبية ومهاجمة الوزير ڤرين على أعمدة "الخبر". يروي حميد غمراسة، المعروف عند قراء “الخبر” بحميد يس، أن مديرة بالوزارة مكلفة بملفات اعتماد مراسلي الصحف الأجنبية، أبلغته أنه غير مرغوب فيه مراسلا في الجزائر. الصحفي غمراسة تحرى بعد ذلك الأمر واتصل بمجيد بكوش، مستشار وزير الاتصال، ليطلب توضيحات: “في البداية قال لي إن الوزير بريء من هذه الأفعال وطلب مني منحه فرصة حتى أقوم بالتحقيق في هذا الأمر، ثم اتصلت به بعد 10 أيام، ليفاجئني بأن هناك فعلا قرارا بمنعي من العمل مراسلا”، والسبب هو “مواقف ضد مسؤولين في الدولة صرّحت بها في قناة تلفزيونية أجنبية”، وأن ذلك “مخالف لميثاق أخلاقيات المراسلين”. ميثاق لأخلاقيات المراسلين!!!؟ ولكن أي ميثاق؟ يتساءل حميد غمراسة: “لم أسمع به طوال فترة 11 سنة قضيتها في المراسلة، ولو كان موجودا لكانت الوزارة، منطقيا، سلمته للمراسلين للإطلاع عليه.. ثم ما دخل مواقفي وآرائي بخصوص سياسة مسؤولين في الدولة، التي عبّرت عنها في الصحافة، مع نشاطي كمراسل!؟ يطلق حميد غمراسة ابتسامة عريضة ساخرا من هذه الممارسات، عند سؤاله إن كان مثل هكذا قرار سيؤثر عليه، ويقول: “لسخرية القدر أن ڤرين الذي يجدني اليوم غير محترف وغير مؤهل لأن أكون مراسلا، أشاد ب”احترافيتي” حسب وصفه بعد حوار كنت أجريته مع مدير عام “جازي” سابقا، وهو من كان حلقة الوصل بيني وبينه في الجريدة نفسها التي أمنع من مراسلتها”. ثم إن ڤرين، يضيف حميد غمراسة، الذي “صدّع رؤوسنا بأخلاقيات المهنة والاحترافية وبالجمهورية الفاضلة التي يريد إقامتها، كان عليه أن يتحلى بالتحضّر، فيرفع دعوى قضائية ضدي ليثبت تهمتي السب والقذف اللتان يزعم أنني ألحقتها بالرئيس وبه، عوض اللجوء إلى مثل هذه الأساليب الهابطة”. أسئلة كثيرة تفجّرها حادثة سحب الاعتماد من الصحفي حميد غمراسة التي أدانتها النقابة الوطنية للصحفيين، عندما يقول مصدر مجهول من وزارة ڤرين لصحيفة إلكترونية إن ذلك يأتي في سياق تطهير قطاع الصحافة في الجزائر. فهل يعقل أن يصل هؤلاء في تفكيرهم إلى تطهير الصحافة من أمثال حميد يس؟ ولمصلحة من ذلك؟ وما هي الأطراف التي يزعجها هذا الصحفي؟ بإلقاء نظرة سريعة على تاريخ حميد غمراسة، تظهر عشرات الريبورتاجات التي أنجزت أيام العشرية السوداء في أخطر مناطق الوطن وعورة وسخونة كأبلغ ما تكون مقاومة الإرهاب بالكلمة والقلم؟ وفي زمن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يتوان هذا الصحفي في تنوير الجزائريين بكتاباته وتحليلاته حول خطر الدوس على الدستور في 2008 واستباحة الرئيس بوتفليقة لنفسه عهدة ثالثة مهدت لرابعة على كرسي متحرك.. وفي زمن الفساد، لم يبخل حميد غمراسة على قرائه في خوض كبرى قضايا الفساد وكشفها للرأي العام، بالاعتماد على مصادره وتمكّنه في هذا الميدان.. ببساطة، هكذا قرار يريد تطهير الجزائر ممن حارب الإرهاب والفساد وحكم الفرد!