يقول اللّه عزّ وجلّ: {تَنْزِعُ النَّاسَ كَأنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مٌنْقَعِر} القمر:20. فقد كذّبَت عاد بالنُّذر الّتي جاءتها، ولم يفلح معها إنذار، ولا توعد، فأرسل اللّه عليهم ريحًا عاتية استمرّت سبع ليال وثمانية أيّام، ذاقوا فيها أشدّ العذاب، وكثيرًا من الويلات. ولمّا رأوا الشّدّة الّتي حلّت بهم، بادروا إلى حفر الأرض، وإقامة السّراديب، ثمّ الاختباء في أعماقها، مخافة الهلاك والفناء، إلاّ أنّ قوّة الرّيح وعتوها انتزعتهم من أعماق تلك السّراديب، وقذفت بهم فوق سطح الأرض صرعى، كأنّهم أصول أشجار نخل، اقتلعت من جذورها العميقة، وقذف بها خاوية مهملة. قال صاحب الكشاف: ”كانوا يتساقطون على الأرض أمواتًا، وهم جثث طوال عظام، كأنّهم أعجاز نخل، وهي أصولها بلا فروع، منقعر: منقلع عن مغارسه. وقيل: شبهوا بأعجاز النّخل؛ لأنّ الرّيح كانت تقطع رؤوسهم، فتبقى أجسادًا بلا رؤوس”. فالآية الكريمة شبّهت قوم عاد المطروحين على الأرض بأصول النّخيل المقطوعة، الّتي تُقلع من منابتها؛ إذ تزول فروعها، ويتحات ورقها، فلا تبقى إلاّ الجذوع الأصلية؛ فلذلك سميت أعجازًا. وذكرت بعض كتب التّفسير أنّ هذا التّشبيه لقوم عاد بالنّخل، إنّما مردّه إلى ما كانوا عليه من طول في القامة، ومتانة في الأبدان، تمكّنُهم من مواجهة البأساء والضرّاء، ومع ذلك فلم يغن عنهم ذلك من أمر اللّه شيئًا، وحاق بهم العذاب؛ جرّاء عتوهم، وتكبّرهم، وتجبّرهم.