أعلن عمار سعداني، أمين عام جبهة التحرير الوطني، تملّصه من تبعات التصريحات النارية التي أطلقها ضد جهاز المخابرات العسكرية وقائدها محمد مدين. وقال إن الحزب لا يعتبر نفسه معنيا بموقف بوتفليقة من الجدل الذي خلفه الهجوم على ”توفيق”، ودعا المناضلين في الهياكل المحلية والوطنية إلى التوقف عن الخوض في القنبلة التي أطلقها. حاول سعداني، في لقاء جمعه أمس، بمحافظي الأفالان بمقر الحزب بالعاصمة، التخفيف من حدة هجومه الحاد على الجنرال ”توفيق”، وردود الفعل التي أثارها في البلاد. فقد ذكر في كلمة افتتح بها الاجتماع، أن ”مرحلة الجدال السياسي فصل فيها الرئيس على كل المستويات، وكل واحد كانت له قراءة (لتصريحاته). ونحن كحزب نرى أن الرسالة التي بعثها فخامة الرئيس إلى نائب وزير الدفاع (بمناسة تحطم الطائرة العسكرية)، لا تعنينا من حيث العنوان ولكن معنيون بها من حيث المضمون”. وجاء في رسالة بوتفليقة أن ”التكالب بلغ حدا لم يصله بلدنا منذ الاستقلال. فكانت محاولة المساس بوحدة الجيش الوطني الشعبي، والتعرض لما من شأنه أن يهز الاستقرار في البلاد وعصمتها لدى الأمم”. وقال أيضا ”لا يحق لأحد مهما تعالت المسؤوليات أن يعرض الجيش والمؤسسات الدستورية الأخرى إلى البلبلة”. وفسّر موقف بوتفليقة على أنه يتبرّأ من تصريحات سعداني، لكن الكلام الذي سمعه محافظو الأفالان والصحافيون من الأمين العام أمس، هو أن بوتفليقة لم يستهدف سعداني برسالته. وظهر في خطابه وكأنه ليس هو من وراء الزلزال الذي شدّ قطاعا واسعا من الجزائريين لمدة تزيد عن أسبوعين، والذي ترك انطباعا قويا بأن جهاز المخابرات يعارض ترشح بوتفليقة لعهدة رابعة. وأوضح سعداني أن الحزب ”ملتزم بمضمون رسالة فخامة الرئيس وسنطبقها على كل المستويات”. وعلى هذا الأساس، أصدر تعليمة أعطاها رقم 4 جاء فيها: ”تطبيقا لتعليمات رئيس الحزب فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، يطيب لي أن أدعو جميع الهيئات الوطنية والمحلية التابعة للحزب، أن يلتزم الجميع بغلق باب الجدال السياسي وأن تنصب كل المداخلات والتصريحات والحوارات فقط حول المسائل النظامية للحزب، وكذا التحضيرات الجارية للحملة الانتخابية لصالح مرشح الحزب”. وواصل سعداني محاولة التملص من خطورة هجومه الناري على ”توفيق”، بقوله في التعليمة، أن الأفالان ”كان ولا يزال يقدّر المؤسسة العسكرية ويثمّن دورها الريادي في حماية أمن البلاد والحفاظ على استقرارها، وفي نفس الوقت يحذر الأطراف التي تحاول استغلال الجدال السياسي لزعزعة استقرار الجزائر وإخراج الموضوع عن مضامينه وأهدافه، والغاية من هذا تعكير صفوف الحملة الانتخابية”. وبعبارة أخرى طالب سعداني بالتوقف عن التفاعل مع إفرازات قنبلة فجرها بنفسه! ويعني سعداني بكلامه أن الذين قرأوا تصريحاته في موقع ”كل شيء عن الجزائر” ضد الجنرال مدين والأمن الداخلي، ما كان ينبغي عليهم أن يربطوها بالانتخابات الرئاسية، مع أنه هو من فعل ذلك عندما قال إن المخابرات هي التي فجّرت قضية سوناطراك 2 ووجهت التهمة لشكيب خليل، بهدف التشويش على الرئيس ومنعه من الترشح لعهدة رابعة! وهو من دعا المخابرات إلى الابتعاد عن السياسة وعن التدخل في شؤون الأحزاب. وخرج المحافظون في نهاية الاجتماع ببيان دعموا فيه سعداني، وطالبوا ب«غلق أبواب كل جدل سياسي يهدف إلى تحريف الوقائع وتشويه الحقائق”. ونددوا في بيان بمسعى فريق عبد الرحمن بلعياط، عقد دورة طارئة للجنة المركزية بهدف الإطاحة بسعداني.