استفادت العيادات العمومية، منذ يومين، من الأغلفة المالية الموجهة لها للشروع في اقتناء احتياجاتها من الأدوية ومختلف التجهيزات اللازمة، في ظل أزمة خانقة يعيشها قطاع الصحة منذ أشهر، تبعا لعدم حصوله على ميزانية 2014 لحد الآن، ما نتج عنه بوادر ندرة حادة في الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقت شرعت الوصاية في معالجة ملفات ظلت في خانة “الممنوعات” باعتبارها تمس مصالح من وصفهم الوزير الأسبق جمال ولد عباس ب”لوبيات” الصحة. قالت مصادر مسؤولة من وزارة الصحة إن المسؤول الأول عن القطاع، يواجه مشاكل مالية معقدة، ستتسبب في زعزعة الاستقرار الذي يعرفه هذا الأخير منذ أشهر في حالة استمرارها، باعتبارها تمس بصفة مباشرة تسيير المستخدمين والمؤسسات الصحية العمومية وكذا المستشفيات العمومية. ويتعلق الأمر، حسب المصادر التي تحدثت ل”الخبر”، بعدم استفادة وزارة الصحة من الأموال المخصصة في إطار ميزانية 2014، رغم أنها من بين أولى الوزارات التي تحصلت عليها نهاية السنة الماضية، وهي الميزانية التي ترتبط بها ملفات هامة ترهن استقرار القطاع والهدنة مع الشركاء الاجتماعيين. ويعتبر ملف الأجور أهم تحدي يواجه الوصاية، باعتبار أن رواتب أكثر منة 200 ألف مستخدم إداري وطبيب وأسلاك مشتركة، تضخ حاليا من الخزينة العمومية، لأن المراقب المالي على مستوى وزارة المالية لم يؤشر على الميزانية الخاصة بالقطاع، ما خلق عجزا في التسيير الإداري، ليس هذا فقط، فعدم استفادة مصالح بوضياف من الغلاف المالي الموجه لها، تجسد فعليا على أرض الواقع منذ بداية العام. وكانت أولى نتائج هذا التأخر الكبير في صرف الميزانية، عودة الحديث عن ندرة الأدوية ومختلف المستلزمات والتجهيزات الطبية، وكانت الأكياس البلاستيكية الموجهة لجمع وتخزين الدم، آخر فضيحة هزت القطاع، ناهيك عن أنواع حساسة من الأدوية الموجهة لمرضى الجهاز التنفسي والربو، ليأتي مشكل انقطاع التموين باللقاح المضاد للحساسية من الصيدليات ليصنع الحدث هذه الأيام، باعتباره علاجا دوريا يحتاجه المرضى دون انقطاع. وتعتبر الصيدلية المركزية المسؤول المباشر عن توفير الأدوية ومختلف المستلزمات والتجهيزات الطبية، على مستوى المستشفيات الجامعية، وظهور ندرة على هذا المستوى يكون مرتبطا سواء بسوء التوزيع، وهو أمر مستبعد، مادامت هذه الأخيرة لم تستفد من الأموال الموجهة لها لتلبية هذه الاحتياجات. ويبقى السبب المباشر عن هذه الأزمة الجديدة، غياب الأغلفة المالية اللازمة لاقتناء احتياجات المستشفيات. وتعاني المؤسسات الصحية العمومية، من جهتها، وضعية مالية صعبة جدا بسبب عجزها عن تسيير الميزانية التي يخصصها لها القطاع، بالنظر إلى الأعباء الكثيرة التي تنتظرها، من تسيير إداري للمستخدمين ومختلف المسائل المتعلقة بالكهرباء ووسائل العمل، إلى تلبية حاجاتها من الدواء والتجهيزات الطبية، غير أن تأخر ضخ الغلاف المالي الموجه لها، زاد من تعقيد الأزمة. وقالت مصادر “الخبر”، في هذا الإطار، إن عددا من هذه العيادات استفادت منذ يومين فقط، من الميزانية المخصصة لها، في انتظار رفع “الحصار” المالي عن باقي المؤسسات الصحية والمستشفيات الجامعية، لتلبية حاجيات القطاع ومواجهة أي أزمة مرتبطة بالجانب المادي.