اعتبر الخبير الدولي، فرانسيس بيران، أن بقاء أسعار النفط فوق عتبة 100 دولار للبرميل يساعد البلدان المصدرة، من بينها الجزائر، لشراء السلم الاجتماعي وتفادي تداعيات الأزمات التي تعيشها المنطقة، مشيرا إلى أن سيناريو تأثر بلدان مثل الجزائر والسعودية وقطر بما يحصل في محيطها من أحداث، وارد وأدرج في حسابات القائمين على السوق البترولية، مند فترة زمنية. أما الأحداث التي تعيشها ليبيا، فإنها لن تؤثر على أسعار البترول التي ستظل مرتفعة. وأوضح بيران في تصريح ل«الخبر”، أنه حينما تكون أسعار النفط مرتفعة، فإن المستفيد الأول هي البلدان المصدرة والشركات الكبرى والفاعلون الآخرون في السوق، فالبلدان المنتجة تستفيد من وضع يتواصل منذ 2011، موازاة مع أحداث الربيع العربي، وهي سابقة، حيث تظل أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل ثلاث سنوات على التوالي. وبفضل الموارد المالية تقوم البلدان المصدرة، منها الجزائر وغيرها، بشراء السلم الاجتماعي لها داخليا، وبالتالي الابتعاد من سيناريو الأحداث التي تضرب في العمق العديد من دول المنطقة. ومع ذلك، فإن سيناريو العدوى أو نظرية الدومينو أخذتها الأسواق البترولية والوسطاء بعين الاعتبار في حالة امتداد الأزمة الليبية وحتى المصرية إلى دولة نفطية جديدة مثل الجزائر. في السياق نفسه، أكد بيران أن ما يحدث في ليبيا لا يشكّل مفاجأة، فهذا البلد البترولي الذي ينتج ما بين 1.5 و1.7 مليون برميل يوميا سابقا، تراجع إنتاجه إلى النصف تقريبا نتيجة الاضطرابات التي مست الحقول النفطية والمرافئ الليبية، وحتى في حالة بروز مستجدات، فإن السوق استوعبها. ولاحظ الخبير الدولي هنالك قناعة بأن العرض كاف في السوق، بل هنالك فائض، رغم ما يحدث في ليبيا والسودان وسوريا واليمن، ونيجيريا، إذ لا يوجد ندرة. بالمقابل هناك بلدان تقوم بتعويض النقص، إن وجد، مثل أمريكا الشمالية، الولاياتالمتحدة وكندا بفضل النفط الصخري والدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية أيضا التي تتوفر على فائض قام بتعويض النقص السابق في إنتاج ليبيا، فضلا عن العراق أيضا التي ترفع من مستوى إنتاجه. وعليه، وحتى في حالة بروز اضطرابات جديدة، فإن الإمدادات كافية لحد الآن، إلا إذا مست الأحداث دولا منتجة كبيرة مثل السعودية أو العراق أو إيران. وشدد بيران أن الأحداث تبقي مع ذلك الأسعار مرتفعة في حدود 100 و110 دولار للبرميل، مشيرا إلى أن الدول المصدرة عرفت كيف تسيّر وضعها الداخلي لحد الآن وظلت بعيدة عن تأثيرات الربيع العربي، منها الجزائر، وهي بالتالي تستخدم الريع النفطي لشراء السلم الاجتماعي. ومع ذلك، فإن هذه البلدان ليست بمنأى تماما عن امتدادات الأزمات التي يعيشها محيطها العربي وتواجه أيضا مشاكلها الداخلية. ورغم تباطؤ الطلب والأزمة التي عرفتها منطقة الأورو، ثاني منطقة مستهلكة للنفط بعد الولاياتالمتحدة وقبل الصين، إلا أن ذلك لم يمنع الأسعار من البقاء مرتفعة، وتشير التقديرات إلى أن الطلب العالمي على النفط يقدر بحوالي 92.8 مليون برميل يوميا هذا العام، بزيادة مقدارها 1.32 مليون برميل يوميا مقارنة بالسنة الماضية، بينما تشير التوقعات إلى إنتاج أكثر من 92.1 مليون برميل يوميا، منها حوالي 31 مليون برميل يوميا لمنظمة أوبك. على صعيد متصل، كشف بيران أن العديد من الحقول النفطية التقليدية بدأت تدخل مرحلة الشيخوخة، وبالتالي تتراجع مخزوناتها وقدراتها الإنتاجية، وبالتالي فإن البلدان بحاجة إلى سعر مرتفع لتغطية التكاليف المرتفعة لاستكشاف واستغلال حقول جديدة، بما في ذلك غير التقليدية، وهذه الوضعية تعيشها الجزائر أيضا في عدد من حقولها، مما يدفعها إلى استخدام تقنيات أكثر تطورا لتعظيم استغلال المخزون المتوفر.