جرَّ تقرير الحريات الدينية السنوي للعام 2013 من ورائه آراء متضاربة عند الحقوقيين الذين اختلفوا في تقييم تناوله للحالة الجزائرية. وبدا فاروق قسنطيني المقرب من رئاسة الجمهورية، الأكثر استفزازا من هذا التقرير، بينما أقر نور الدين بن يسعد بوجود نقائص ذكرها التقرير لا بد أن تستدرك. وكان التقرير الصادر عن الخارجية الأمريكية قد رصد حالات لما اعتبرها انتهاكات تمس الحرية الدينية في الجزائر، تتعلق خاصة بالمتحولين إلى المسيحية والمفطرين شهر رمضان. اعتبر فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، ما ورد في تقرير الحريات الدينية للخارجية الأمريكية لسنة 2013، “قذفا” بحق الجزائر و«نفاقا” من الجانب الأمريكي، مشيرا إلى أن الجزائر تحترم “الأقليات الدينية” ولا “تحتاج في هذا المجال دروسا من أحد”. وأوضح قسنطيني الذي تتبع هيئته رئاسة الجمهورية، أن هذا التقرير “جاء مجانبا للحقيقة التي تعيشها الأقليات الدينية التي بإمكانها ممارسة شعائرها بكل حرية وفقا لما يسطره الدستور وقوانين الجمهورية”. لافتا إلى أن التقرير “لم يحمل أي جديد”، وهو ينطلق من “الصورة النمطية التي تنظر بها الولاياتالمتحدة للجزائر في مجال الحريات الدينية”. وطلب قسنطيني من كتابة الدولة الأمريكية للخارجية أن “تلتفت قليلا لحريات الأديان في بلادها، لا سيما الإسلام الذي يعاني من التضييق منذ هجمات 11 سبتمبر”. وبخصوص ما أثاره التقرير حول اعتماد الجمعيات الدينية، أكد رئيس اللجنة الاستشارية أن “الجمعيات المسيحية المعتمدة تنشط بكل حرية، أما تلك التي تنتظر الاعتماد فيتطلب ذلك وقتا وتحريا من وزارة الداخلية نظرا لحساسية هذا الموضوع بالنسبة للمجتمع الجزائري”. أما عن اليهود، فعددهم وفق قسنطيني “قليل جدا في الجزائر ولهم جمعية تمثلهم”، ولا يوجد “مانع” من فتح معابدهم إذا أرادوا ذلك. وبخلاف الرأي الأول، ذكر نور الدين بن يسعد، رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، أن الحقوقيين في الجزائر ينتظرون إلى اليوم صدور قانون الجمعيات الدينية الذي وعدت به وزارة الداخلية، عكس قانون الجمعيات المدنية الذي صدر منذ مدة، مطالبا بأن ينص هذا القانون على “الحرية التامة” في اعتماد الجمعيات لكل الأديان. وقال بن يسعد إن “حرية الديانة في الجزائر منصوص عليها في الدستور، وكل الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر لا سيما الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية”، مشددا على ضرورة أن يصدر “قانون يحمي حرية المعتقد في الجزائر حتى يجنبها كافة الانتقادات التي تطالها في هذا الجانب”. وعما ورد في تقرير الخارجية الأمريكية في موضوع “حرية الإفطار في رمضان”، شدد مختار بن سعيد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، على أن “التقرير بُني على معلومات غير صحيحة تجعل من انتقاداته غير مؤسسة”. وأوضح أن “الجزائر لا تتابع أحدا بسبب الإفطار في رمضان لأنه يدخل في باب الحريات الشخصية”. وأبرز بن سعيد أن “الأحكام التي صدرت من المحاكم الابتدائية حول المفطرين في رمضان كلها تم إلغاؤها بعد أن صدرت براءات في حق المتهمين”. مؤكدا في هذا الصدد أنه “ترافع شخصيا في قضية عدد من المتهمين في بسكرة وقد انتهت القضية بتبرئتهم”. وأضاف: “حتى الذين أقاموا إفطارا علنيا في تيزي وزو خلال رمضان تصدى لهم مواطنون آخرون ولم تتدخل الدولة في المسألة”. وتابع بن سعيد الذي خلف بوجمعة غشير على رأس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان: “التشريعات الجزائرية تحترم حرية المعتقد وما ورد في التقرير غير صحيح”، وضرب مثالا بقانون الأسرة الذي تم تعديله في مسألة “اليمين الحاسمة” التي كانت تقام في المساجد وأصبحت الآن في المحاكم، “نظرا لأن غير المسلمين لا يمكنهم الذهاب إلى المساجد”.