ما إن تعافى مخ المواطن الجزائري من صدمة ما نشرته الصحف من أن ضابطا ساميا سابقا كوّن عصابة للمتاجرة بجوازات الحج في البليدةǃ ما إن تعافي مخ المواطن من هذه الصدمة حتى خرج علينا وزير الشؤون الدينية بشطحة إعلامية “زندارية” لا تقل بؤسا عن صدمة بيع جوازات الحج من طرف ضابط سامǃ فقال الوزير بكل ثقة: إن وزارته ليست مسؤولة عن فضيحة بيع جوازات الحجǃ لأن الوزارة لا توزع الجوازات هذهǃ ولم يقل لنا الوزير عن أي شيء مسؤولة وزارة الدين التي تشرف على الحج بديوان وبلجان، إذا كان توزيع جوازات الحجيج ليس من صلاحياتها؟ǃ تصريح الوزير جاء بصيغة “لست أنا بل هم”؟ǃ ترى من هؤلاء “الهم” الذين يبيعون الحج للمواطنين الجزائريين باسم السلطة؟ǃ هل الوزير له الشجاعة الكافية ليقول لنا.. إن من يوزع جوازات الحج هي وزارة الداخلية والحكومة والرئاسة، وهذه الجهات الثلاث هي التي تبقي على كوطة هامة من جوازات الحج لتوزع على إطارات الدولة في مختلف القطاعات ليدعموا بها شعبيتهم في مجموعات المصالح عبر توزيع هذه الجوازات.. ووصلت الكوطة التي توزع خارج القرعة إلى حوالي 20% من مجموع جوازات السفر المخصصة للجزائر من طرف السعوديةǃ المشكلة ليست في أن هذه الامتيازات سحبت من وزير الشؤون الدينية وأعطيت لمجموعة الفساد في الحكومة والداخلية والرئاسة.. بل المشكلة هي كيف يصل مستوى تدهور الأخلاق إلى حد بيع الحج للمواطنين “عيني عينك” من طرف المسؤولين، فإذا كانت أخلاق المسؤولين في البلاد وصلت إلى هذا المستوى من التدهور إلى حد بيع جواز الحج، فلماذا يوجد في البلاد وزير الشؤون الدينية، إذا كان الدين الذي هو دين الدولة أصبح المسؤولون في الدولة يبيعونه للمواطنين بمبالغ خيالية ووزارة الدين لا علم لها؟ǃ الأخطر من هذا كله كيف لضابط هام أن يقوم بهذا العمل، والحال أن الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير المهنة فيه مبنية على الأخلاق الإسلامية أساسا، لأن جيش التحرير سمى المقاتل في الجيش بالمجاهد، وسمى العملية القتالية جهادا، وهذا الجنرال المتقاعد من المحتمل أن يكون مجاهدا سابقا قبل أن يكون جنرالا في الجيشǃ فكيف طاوعته نفسه أن يبيع جهاده ويبيع أحد أركان الدين للشعب؟ǃ فالصدمة الأخلاقية في هذه القضية لا تصدقǃ وأحسن ما أواسي به نفسي أن اعتبر بيع جواز الحج مجرد كذبة من أكاذيب الصحافة العديدةǃ لكن رمي وزير الدين الفضيحة لغيره يدل على أن الأمر يمكن أن يكون صحيحاǃ والمصيبة أن حتى أخلاق التضامن الحكومي بين الوزراء في الحكومة في موضوع الفضائح لم يعد قائما.. وليس مهما إذا بقي وزير الدين وزيرا في حكومة بعض وزرائها وضباطها ومسؤوليها يبيعون الحج للناسǃ هل فهمتم الآن لماذا يضرب الرئيس بوتفليقة رأس مستشاره الشخصي بقرار حاد فيهشمه كما فعل الشاب القبائلي برأس اللاعب الكاميروني إيبوسيǃ [email protected]